You are here: الصفحة الرئيسة

رسائل سورية للأتراك: هل ارتفع احتمال المواجهة؟

إرسال إلى صديق طباعة

2bbba13e-9a47-4bb3-8d4e-9be73713452f

أصدرت سوريا تحذيرها الثالث خلال يومين لتركيا، مُحذّرة إياها من تقدّم إضافي في الأراضي السورية عبر القوات التابعة لها في جيش «درع الفرات»، ولا سيما عبر الاقتراب ممّا حدّدته بـ «خطوط دفاع» الحلفاء في شمال حلب وشرقها. وجاء التحذير الثالث أكثر رمزية، باعتباره صادراً عن «قائد العمليات الميدانية لقوات الحلفاء»، الأمر الذي يضع كلاً من الروس والإيرانيين و «حزب الله» في الموضع ذاته، من التهديد في مواجهة حقيقية بين الطرفين.
وفي رسالة مقتضبة أمس، أعلن قائد العمليات الميدانية لقوات الحلفاء في سوريا أن «أي تقدمٍ للقوات التركية تحت أي مُسّمى، سواءً درع الفرات أو غيره، باتجاه خطوط دفاع حلفاء سوريا في شمال حلب وشرقها، سيتمّ التعامل معه بحزمٍ وقوّة».
وتابع القائد الميداني، الذي عادةً ما تصدرُ مواقفه في لحظات انعطاف عسكرية ذات رمزية، «إننا لن نسمح لأي كان بالتذرّع بقتاله لتنظيم داعش، للتمادي ومُحاولة الاقتراب من دفاعات قوات الحلفاء، وسنعتبر هذا الأمر تجاوزاً للخطوط الحمراء وسُيردّ عليه الردّ القوي والمناسب».
وفسّر مُراقبون التحذير بأنه متعلّق بمدينة الباب، المعقل الرئيسي والأخير الهام لتنظيم «داعش» شمال حلب، والذي بدأت قوات «درع الفرات» بالاقتراب منها، أخيراً. ويُعتبر الجيش السوري وحلفاؤه، الأقرب جغرافياً للباب بمسافة لا تزيد عن 12 كيلومتراً، تليه القوات الكردية الموجودة على طرفيها بحوالي 20 كيلومتراً، فيما تتقدّم قوات «درع الفرات» من مسافةٍ مُشابهة.
وترجم الجيش تحذيره، أمس الأول، باستهدافه للمرة الأولى القوات المدعومة تركياً ببراميل متفجّرة خلال معركة لها مع «قوات سوريا الديموقراطية» (قسد)، والتي يُشكّل الأكراد عمودها الفقري.
وذكرت غرفة عمليات «حوار كلس»، المشاركة في عملية «درع الفرات»، على صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، أنّ «مجموعات تابعة لنظام (الرئيس السوري بشار) الأسد والميليشيات الانفصالية (YPG) شنّت هجوماً، بالتزامن مع الاشتباكات الدائرة مع تنظيم داعش، في القرى والنقاط العسكرية في ريف حلب الشمالي من جهة تل المضيق، التي سيطر عليها الجيش السوري الحُرّ اليوم الثلاثاء»، مضيفة أنّ «طيران النظام المروحي ألقى براميل متفجّرة على مواقع الجيش الحر في تل جيجان، ما أسفر عن مقتل ثلاثة مقاتلين من الجيش الحرّ وإصابة عشرة آخرين».
من جهته، أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، مقتل 11 مُسلحاً في هذه المواجهة، بينهم المسؤول العسكري في «الجبهة الشامية» المُلقّب بـ «أبي جنات»، وأحد المسؤولين العسكريين في «لواء عاصفة الشمال»، وكلّها قوات مُشاركة في جيش «درع الفرات»، الذي خسر سبع آليات عسكرية في القتال أيضاً.
وأسفر التنسيق بين الطرفين، «قسد» والجيش السوري، على ما يبدو، عن استعادة «قسد» لقرية تل المضيق، وفقاً لما أكدته مصادر ميدانية لـ«السفير» أمس.
وهي المرة الأولى التي تقصف فيها الطائرات الحربية السورية مواقع لعملية «درع الفرات»، التي تُديرها تركيا منذ أواخر آب الماضي.
ويأتي الاستهداف الحربي ترجمةً لتحذير الجيش السوري رسمياً منذ يومين بأن «أي مُحاولةٍ لتكرار خرق الطيران الحربي التركي للأجواء السورية، سيتمّ التعامل معه وإسقاطه بجميع الوسائل المتاحة»، وذلك على خلفية قصف الطيران التركي مواقع في ريف حلب الشمالي، الأربعاء الماضي، والذي دانته الخارجية السورية في رسالةٍ إلى مجلس الأمن، بما في ذلك الحصيلة البشرية من الضحايا التي تمخضت عنه.
وسرّبت وسائل إعلام سورية، منذ أيام، معلومات قالت إنها عن تشكيل «قوات مُقاومة كردية وعربية للاحتلال التركي في الشمال السوري».
واعتبر مراقبون أن استهداف الطائرات السورية مواقع فصائل «درع الفرات»، يهدف إلى قطع الطريق أمام تقدّمها نحو مدينة الباب، آخر معاقل تنظيم «داعش» وأكبره في ريف حلب.
بدورهم، يعتقد ديبلوماسيون مُقيمون في دمشق أن مدينة الباب يُمكن أن «تُشكّل خطّ الاشتباك الأول والأخطر بين الحلفاء من جهة، والجيش التركي من جهة أخرى»، وذلك بسبب حساسية المدينة بالنسبة للطرفين.
ويأتي تعاون «قوات سوريا الديموقراطية» مع الجانب السوري، خلال اليومين السابقين، ليُعزّز القناعة بأن دمشق وحلفاءها لن يسمحوا للأتراك بالوصول لتماس في «خطوط الدفاع». وكان اعتقادٌ قد ساد في أوساط الديبلوماسيين، قبل أسابيع، أن التنسيق الروسي - التركي ربما توصّل الى اتفاقٍ غير معلن، بـ «التساهل مع تقدّم الأتراك في الشمال، في مقابل منع الدعم عن قوات المعارضة في الأحياء الشرقية لحلب».
وتحدّث بعض الخبراء الغربيين عن كون مدينة الباب الهدف التركي الأبرز لضرب المشروع السياسي الكردي في شمال سوريا، فيما تُعتبر استعادة حلب بالنسبة للجيش السوري وحلفائه الإنجاز العسكري الأكبر الذي يُمكن الحصول عليه.
وأمس، قال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان إن «منبج والباب هما هدف العملية التركية لا حلب».
ورأى ديبلوماسي مُقيم في دمشق، في حديث لـ «السفير»، أن احتمال وقوع اشتباك فعلي بين الجيشين السوري والتركي في الشمال، ولا سيما على خط دفاع الباب، ربما «يُعزّز احتمال حصول اتفاق سياسي أيضاً، لتفادي أي مُواجهة عسكرية من هذا المستوى».
بدورها، قالت مصادر واسعة الاطلاع لـ «السفير» في دمشق، إن الحلفاء يعتبرون الباب «خطاً أحمر لا يجوز للأتراك دخوله»، وإن «أي خطوط تماس ستتشكّل ستجري على أطرافها من الجانب التركي كما مع مدينة تل رفعت المجاورة».
وعلى الرغم من احتمال المُواجهة القائم بين الطرفين، أبدت قيادات كردية تخوّفها من تقارب بين أنقرة ودمشق على خلفية هذه المعركة. إلا أن احتمال حصول تقارب تركي سوري يبقى مُعقداً، وفق مُراقبين، في ظل احتلال القوات التركية أراضيَ سورية، ودعمها لقوات «درع الفرات» التابعة للمُعارضة، في معركتها للسيطرة على مساحات جغرافية كبيرة شمال البلاد.

 

زياد حيدر - جريدة السفير

2016-10-27