شكّل الغياب المفاجئ والغامض لجمال عبد الناصر في 28 أيلول/سبتمبر 1970 نهاية مرحلة مشرقة في التاريخ العربي، وبداية مرحلة جديدة توالت فيها الانهيارات في الأمة العربية على الصعد كافة، حتى صارت الى ما هي عليه اليوم!... في الحقيقة شكّل ذلك التاريخ بداية النهاية لحركة التحرر العربية التي انطلقت بقوة في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، وحقّقت الكثير من الانجازات الهائلة على الصعد كافة، وإن تكن قد أصيبت بنكسات كبيرة أبرزها انفصال سوريا عن مصر في 28 أيلول/سبتمبر 1961 وهزيمة 5 حزيران /يونيو 1967.
حركة التحرر العربية لم تكن ظاهرة شاذة في عصرنا، بل إنها واكبت وكانت جزءاً هاماً من ظاهرة عالمية آنذاك وهي حركة التحرر العالمية التي انطلقت بعد الحرب العالمية الثانية، قبل تشكّل النظام الدولي الثنائي القطبية، وقبل أن يستقر ذلك النظام تحت مظلّة الردع النووي في أوائل الستينات. وكذلك فإن انهيار حركة التحرر العربية لم يكن ظاهرة شاذة بعد ذلك. فمنذ منتصف الستينات بدأت تتعثّر هذه الحركة وتسقط في العديد من المواقع الهامة في العالم، وقد شكّل ذلك بداية مرحلة انتهت بسقوط الاتحاد السوفياتي والمعسكر الاشتراكي.
ببببب