You are here: الصفحة الرئيسة

Harakat Al-Shaab - حركة الشعب -لبنان

الطرّاس يقرّ بعلاقته مع «داعش»: أعرف مدبِّر تفجيري كسارة والرويس ومفجِّر السفارة الإيرانية

إرسال إلى صديق طباعة

أقرّ مفتي راشيا السابق الشيخ بسام الطرّاس بارتباطه بتنظيم «الدولة الإسلامية». إذ تبين أن الرجل الذي استنفر أهل السياسة والقضاء ورجال الدين لإخراجه، على علاقة بأخطر الإرهابيين الذين نفّذوا عدداً من التفجيرات الانتحارية في لبنان

رضوان مرتضى

لم تُفلح كل محاولات الضغط السياسية والشعبية في إجهاض إنجاز الأمن العام الذي أوقف الشيخ بسام الطراس، عشية عيد الأضحى، للاشتباه في ارتباطه بـ «متفجرة كسارة» في زحلة في 31 آب الماضي. «انتفاضة» أهل السياسة والقضاء التي أفلت الطرّاس بسببها بعد توقيفه في المرة الأولى، لم تشكّل حصانة كافية لحمايته لاحقاً. كذلك فإنّها لن تستطيع إبقاءه حرّاً بعد اليوم، بعدما تبين أنّه من «الاستثنائيين» في عالم الإرهاب.

فقد كذّبت مستجدات التحقيقات بيان النيابة العامة العسكرية الذي نُشر لتبرير إطلاق سراح الطرّاس، والذي كان قد أكّد أنّ «المعلومات التي جرى تناقلها لجهة أن المدعو «أبو البراء» هو المدعو محمد قاسم الأحمد غير دقيقة»، إذ عاد الطرّاس واعترف بأنّه على علاقة مع «أبو البراء» الذي يعلم أنّه هو نفسه محمد قاسم الأحمد، العقل المدبّر لخلية الناعمة ولسيارة الرويس المفخخة ولـ «متفجرة كسارة». لكنه قال إنّها «علاقة اجتماعية فقط». كذلك فإنّه لم يستطع أن يتنصّل من معرفته بالمطلوب الأخطر محمود الربيع الذي اجتمع في منزله في تركيا مع الموقوف علي غانم، العنصر التنفيذي الرئيسي في «متفجرة كسارة». فغانم اعترف بأنّ «أميره» الذي أعطاه الأمر بالضغط على زر التفجير هو «أبو البراء». ولما سُئل عمّن يكون، ردّ بأنّ الطرّاس عرّفه إليه. أما الربيع، فهو العنصر الرئيسي في العملية الانتحارية التي استهدفت السفارة الإيرانية.
هكذا كشفت المصادر الأمنية أنّ الطرّاس كان على تواصل مع تنظيم «الدولة الإسلامية»، عبر اثنين من أخطر المطلوبين اللذين نفّذا عدداً من التفجيرات الانتحارية في الداخل اللبناني. غير أنّه لم يُقرّ بعلاقته بـ «أبو الوليد السوري»، مسؤول العمليات الخارجية في تنظيم «الدولة»، المشرف الرئيسي على هجوم برج البراجنة الانتحاري وهجمات باريس السنة المضية، علماً بأنّ هذا الارتباط مُثبت بالدليل القاطع من خلال داتا الاتصالات الخاصة برقمي الطرّاس والسوري.
ليل الأحد، في ١١ أيلول، تُرِك الطراس بوساطة. أُخلي سبيله رهن التحقيق واحتُجز جواز سفره كي يقضي عطلة عيد الأضحى برفقة عائلته، على أن يمثل أمام القضاء في ٢٨ من الشهر نفسه، بناءً على إشارة مفوض الحكومة المعاون لدى المحكمة العسكرية القاضي هاني حلمي الحجّار. استُحضر الطرّاس مع هواتفه الخلوية، ليُستدلّ من خلالها على طرف الخيط الذي أوقع به. إذ عُثر في هاتفه على تطبيق اتصال مشفّر. وبعد أخذٍ ورد، اعترف بأنّ شخصاً مرتبطاً بتنظيم «الدولة» أعطاه إياه للاتصال الآمن. كذلك عُثر على بطاقة ذاكرة مشفّرة في هاتفه أثناء مثوله للتحقيق في المحكمة العسكرية. وذكر أنه زوِّد بها في آب 2015. غير أنّه لم يُعطِ المحققين الأرقام السرية لفتح التطبيق أو الذاكرة، من دون أن يُعرف إذا ما كان ضباط القسم الفني في فرع المعلومات قد تمكنوا من فك شيفرتها.
وقد يكون اختيار فرع المعلومات لاستكمال التحقيقات مع الطرّاس، من زاوية سياسية، انطلاقاً من أجواء الشحن الطائفي والتسييس التي ترافقت مع توقيفه الأول، نظراً إلى طبيعة الدور الموكل به. ورغم إشارة المصادر الأمنية إلى أنه لم يثبت تورط الطراس في أي عملية أمنية بعد، كشفت أنّ دور الرجل يتجاوز لبنان، ولا سيما لناحية علاقته بشخصيات قيادية في أكثر التنظيمات تشدداً، ومنهم أبو الوليد السوري، المرتبط مباشرة بـ «أبو محمد العدناني»، المتحدث الرسمي السابق لتنظيم «الدولة الإسلامية» الذي كان الرجل الثاني بعد البغدادي في الفترة الأخيرة قبل مقتله.
انطلاقاً مما سبق، تذهب الترجيحات إلى القول إنّ الطرّاس متورط بشبهة التواصل مع تنظيم «الدولة الإسلامية». لكن، هل يُعقل أن يرتبط شخصٌ واحد مع ثلاثة من أخطر الإرهابيين، المتورطين في أكبر تفجيرات التي هزّت لبنان، ويكون بريئاً؟ وكيف يُعقل أن يكون مشتبهاً فيه بجرم التواصل مع تنظيم إرهابي ويُبرّأ من التورّط في العمليات الأمنية؟ وكيف يُعقل أن يعترف شخص بارتباطه بأكثر التنظيمات تشدداً وحمله الفكر نفسه وتُغسل يداه من دماء المدنيين الأبرياء؟

سياسة

العدد ٣٠٠٥ الثلاثاء ١١ تشرين الأول ٢٠١٦

 

قمة النذالة!

إرسال إلى صديق طباعة

لم يغيّر النذل دونالد ترامب فاصلة في كل ما يقوله. لم يدخل تعديلاً على ابتسامته، ولا على مصافحته، ولا على ضحكته، ولا على قول ما لا يضمر. حتى سيداته، استبدلن لباسهن بما لا يخفي المجون المرافق دائماً للمرابي والسارق.

وكذلك هي حال الأنذال الآخرين. لم يعدّلوا في ابتسامة الأبله المسرور بسرقته أمام عينيه. لم يغيّروا أبداً في سلوك مراضاة السيد الابيض منذ تعرفوا عليه عبيداً قبل قرون، وتركوا خزائن الذهب والزخرف تسبقهم الى السيد الذي ينتظرون منه ابتسامة الرضى فقط. ولم يجدوا كاتباً أو فقيهاً من أهل البلاط يدخل مفردة جديدة على خطاب التسليم. وفوق كل ذلك، ها هم يصطفون مثل عبيد القرون القديمة الذين ينالهم الرضى إن رمقهم السيد الابيض بنظرة فقط.
لا يهمّهم كم سيدفعون من ثرواتنا، ولا يهمّهم كم سيصرفون من دمائنا، ولا يهمّهم حجم اللهيب الذي يوقدون فيه نارهم. كل ما يهمّهم البقاء لصيقين بكراس عفنة ولو طليت بالذهب، وكل ما يهمّهم مراضاة من يغطّي عجزهم وكسلهم وفقر أنفسهم، وهم يستعدون لدفع كل ما يتوجب، من ثروة وأنفس وكرامات، لقتل من تجرّأ ورفع الصوت سائلاً عن حقه وأرضه وعرضه...
الصور الآتية من مملكة القهر ليس فيها غير نار الجحيم التي تنتظر بلادنا بفعل هلوسات أمراء الموت والعدم.
الأخبار الواردة من هناك ليس فيها سوى نذير الشؤم، بأن علينا الاستعداد لسماع أنين وصراخ أطفال وإخوة وأبناء ونساء ورجال يصيبهم رصاص طاغية العالم.
لكن، هل هو قدرنا؟
زماننا، وسنواتنا السابقة والحاضرة، المليئة بالدماء النقية، والرؤوس المرفوعة على الأشهاد، تقول لنا، وتقول لهؤلاء المجانين، إن الغزو إن حصل، لن تفتح له الأبواب، ولن تترك له الأرض والسماء، بل سيكون فوق كل غيمة، وتحت كل حبة رمل، من يحمل خنجره، الذي يسعى الى مسكنه في نحور هؤلاء الأنذال وأسيادهم، المجتمعين في قمة النذالة...
ولأن حال هؤلاء القذرين لم يتغيّر، فلا بأس من إسماعهم، مجدداً، ما قاله الكبير مظفر النواب قبل عقود:
أولاد القحبة...
من باع فلسطين/ سوى قائمة الشحاذين على عتبات الحكام/ ومائدة الدول الكبرى
أولاد القحبة/ لست خجولاً حين أصارحكم بحقيقتكم/ إن حظيرة خنزير أطهر من أطهركم
الآن أعريكم
في كل عواصم هذا الوطن العربي قتلتم فرحي/ في كل زقاق أجد الأزلام أمامي
أصبحت أحاذر حتى الهاتف/ حتى الحيطان وحتى الأطفال
أعترف الآن أمام الصحراء بأني مبتذل وبذيء كهزيمتكم.
يا شرفاء المهزومين/ ويا حكام المهزومين/
ما أوسخنا... ما أوسخنا... ما أوسخنا ونكابر
ما أوسخنا/ لا أستثني أحدا.
هل وطن تحكمه الأفخاذ الملكية... هذا وطن أم مبغى/
ماذا يدعى استمناء الوضع العربي أمام مشاريع السلم/ وشرب الأنخاب مع السافل (من فورد الى ترامب)؟
أصرخ فيكم
إن كنتم عربا... بشرا... حيوانات/ فالذئبة... حتى الذئبة تحرس نطفتها/ والكلبة تحرس نطفتها/ والنملة تعتز بثقب الأرض
لن تتلقح تلك الأرض بغير اللغة العربية
يا أمراء الغزو موتوا
سيكون خرابا... سيكون خرابا... سيكون خرابا!

دوليات
العدد ٣١٨١ الاثنين ٢٢ أيار ٢٠١
ابراهيم الأمين

الجولان يتمسك بالهوية السوريّة: لا لانتخابات «الأسرلة»

إرسال إلى صديق طباعة


فراس الشوفي

آخر صيحات حكومة نتنياهو، هو قرار وزير الداخلية أريه درعي، الأسبوع الماضي، بإجراء انتخابات للمجالس المحليّة في الجولان، بالتزامن مع إجراء انتخابات المجالس المحليّة في فلسطين المحتلة في 30 تشرين الأول 2018. ووجّه درعي رسالة إلى رؤساء المجالس المحليّة المعيّنين في قرى الجولان السورية الأربع: مجدل شمس، عين قنيا، بقعاثا ومسعدة، بأن انتخابات ستجرى في قراهم ضمن «الدورة الانتخابية القادمة للسلطات المحلية في إسرائيل، ونحن نبحث حالياً الخطوات اللازمة لإدارة المجالس المحلية في المرحلة الانتقالية حتى موعد الانتخابات العامة». قرار وزارة داخلية العدوّ يُعدّ سابقة في تاريخ احتلال الجولان، إذ إن إسرائيل كانت دائماً تحاول تسويق هذه الفكرة، وتلمس رفضاً قاطعاً من الأهالي فتعود وتعدل عنها، مكتفية بتعيين مجالس محليّة ورؤساء مجالس من المتعاونين معها أو من مستوطنين يهود. لكن لم تصل مرّة إلى حدّ إصدار قرار رسمي بإجراء الانتخابات. وتاريخيّاً، حاولت إسرائيل مراراً فرض مبدأ الانتخاب على أهالي الجولان، ولا سيّما في عام 1976، بعدما كانت القرى تدار بمنصب المخاتير، ثم لاحقاً بعد قرار ضمّ الجولان في كانون الأوّل 1981. إلّا أن انتفاضة أهالي الجولان في 14 شباط 1982 ورفض الهويّات الإسرائيلية، حطّمت آمال العدو وأجبرت إسرائيل على تجميد مخططاتها.
تراهن إسرائيل على سنوات الاحتلال وعلى ملل الأهالي من المواجهة
وتراهن إسرائيل على طول سنوات الاحتلال وملل أهالي الجولان من المواجهة، ومحاولات توريط الجيل الجديد بإغراءات لأجل الحصول على الجنسية وقروض التعليم في الجامعات العبرية وتحسين ظروف الحياة والربط الاقتصادي مع الداخل الفلسطيني المحتلّ، فيما تمارس ضغوطاً لتبديل وثائق السفر الحالية بالهويات الإسرائيلية، ومحاولات تسويق فكرة انهيار سوريا وانتهاء الآمال بتحرير الجولان، فيما يسوّق المتعاونون مع أجهزة أمن العدو أرقاماً وهمية عن أعداد الذين يتقدّمون للاستحصال على الجنسيات.
حفنة من المعارضين السوريين (العملاء) يشكّلون أبواقاً للاحتلال

 

تستغلّ إسرائيل الحرب السورية لفرض إجراءات قانونية على هضبة الجولان المحتلة، بهدف كسب شرعية احتلالها. وقبل أيام، أصدر وزير الداخلية الإسرائيلي قراراً بإجراء انتخابات للمجالس المحلية في البلدات المحتلّة، بدلاً من التعيين الذي كان معتمداً طوال العقود الماضية. إلّا أن القرار يُواجه برفض تام... عبر التمسّك بالهويّة السورية

نصف قرنٍ مرّ على احتلال إسرائيل لمرتفعات الجولان السوري في حرب 1967، ولم تستطع حتى اليوم، انتزاع اعتراف من أهالي البلدات المحتلة بشرعية الاحتلال، كما من الدولة السورية و«المجتمع الدولي». غير أن إسرائيل، التي لطالما تحيّنت الظروف الدولية والإقليمية لقضم الأراضي الفلسطينية واللبنانية وشنّ عمليات عسكرية ضدّ المقاومة اللبنانية والفلسطينية، تجد اليوم في الحرب السورية فرصةً سانحة لانتزاع اعترافٍ دولي بسيادة الاحتلال على الجولان وإلغاء القرار الدولي الرقم 497، الذي يرفض الاحتلال ويدين الإجراءات الإسرائيلية.

ومع كثرة التصريحات الإسرائيلية المطالبة باعتراف دولي بسيادة الكيان على الجولان، والضغوط الدبلوماسية التي يمارسها سفراء العدوّ على بعض الدول الأوروبية، فضلاً عن مطالبة رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو، الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، ثمّ الحالي دونالد ترامب، خلال اللقاءين اللذين جمعهما في واشنطن وتل أبيب بالاعتراف بالسيادة على الجولان، شرعت إسرائيل بسلسلة إجراءات ميدانية وقانونية لفرض أمر واقع على سوريا وعلى أهالي الجولان المحتل، تمكنها من دعم موقفها تجاه المنظومة الدولية.

 

المنطقة العازلة ودعم الإرهابيين

منذ اليوم الأول لاندلاع الحرب السورية، عمدت إسرائيل إلى مدّ يد العون للجماعات الإرهابية في محافظة القنيطرة، بالدعم المالي واللوجستي والطبي والاستخباري، ولاحقاً بالتسليح. حتى إن إسرائيل وجّهت جزءاً من هجمات المسلحين نحو قواعد الجيش المتقدّمة وأجهزة الإنذار المبكر والدفاعات الجويّة ومنظومات الدفاع البرية التي كانت تشكّلها الألوية الخاصة في الجنوب، بهدف واحد، هو إبعاد الدولة السورية عن حدود الجولان وإحلال الجماعات الموالية لإسرائيل مكانها، ثمّ إخراج قوات الفصل الدولية (أندوف)، وتظهير ضعف الدولة في الجنوب. وإذا كانت إسرائيل، طوال جولات التفاوض منذ مؤتمر مدريد 1991 وحتى جولات تركيا قبل نحو عشر سنوات، لم تستطع انتزاع أمتار من الجولان المحتل من سوريا القويّة، فباعتقادها أن سوريا «الضعيفة» والمفكّكة والبعيدة عن الجولان، ستكون مفاوضاً ضعيفاً يسهل انتزاع التنازلات منه، وربمّا تنازل بالتخلّي الكامل عن الجولان. وفي الآونة الأخيرة، لم تعد إسرائيل تخفي دعمها للجماعات المسلّحة، ليس بالطبابة فحسب. كما لم يعد المسلحون يخفون تعاونهم مع جيش الاحتلال في ميادين القنيطرة ودرعا. إلّا أن عملية «التطبيع» والاستسلام تطال أيضاً حفنة من المعارضين السوريين (العملاء)، من أمثال كمال اللبواني وعصام زيتون وفهد المصري، الذين باتوا يشكّلون أبواقاً لتسويق أفكار الاحتلال، ولا سيّما بالرضوخ لتسليم الجولان لإسرائيل بذريعة مساعدة إسرائيل لـ«الثورة السورية». ويضطلع زيتون بدورٍ علني، في ما خصّ مسألة الجولان تحديداً، وهو يحظى برعاية أجهزة الأمن الإسرائيلية التي تستضيفه منذ فترة في تل أبيب، وتؤمّن تنقّلاته إلى الجولان المحتلّ، لنقل صورة معاكسة للوجدان السوري عن «حسن ضيافة» إسرائيل، وعن أن «سلاماً» قادماً في الجولان، الباقي تحت سلطة إسرائيل. ولم يكن واحد مثل زيتون، ليملك الجرأة على القيام بهذا العمل، لو لم يكن هناك مناخ «عربي» مناسب خلقه تطبيع العلاقات الجاري على قدمٍ وساق بين إسرائيل والسعودية ودول عربية أخرى، في ظلّ تحوّل الموقف الرسمي العربي عموماً نحو التحالف مع إسرائيل.

ضرب الحركة الوطنية

في 17 نيسان من العام الماضي، عقدت حكومة العدو برئاسة نتنياهو، اجتماعها التاريخي الأوّل على أرض الجولان، في رسالة موجّهة إلى «المجتمع الدولي» والدولة السورية وأهالي الجولان المحتلّ. وقد سبق هذه الخطوة قيام إسرائيل بمحاولات تفكيك الحركة الوطنية في القرى المحتلة، عبر سلسلة إجراءات وخدع، كان أبرزها «كمين» سيّارة الإسعاف التي كانت تقلّ جرحى إرهابيين من «جبهة النصرة»، تعمّدت إسرائيل سلوكها الطريق الداخلي من مجدل شمس إلى مستشفى صفد. وتعمّدت إسرائيل تسريب الخبر عن مرور السيّارة لاستثارة عصبية أهالي الجولان الذين كانوا يتابعون بغضب اعتداءات إرهابيي «النصرة» على مواقع الجيش السوري وقرية حضر. وشكّل حادث هجوم الأهالي على الإسعاف ذريعة للاحتلال لإلقاء القبض على عددٍ كبيرٍ من الشباب المتحمّسين والوطنيين، وتكبيلهم بعقوبات وغرامات مالية كبيرة. كذلك شكّل اعتقال عميد الأسرى السوريين صدقي المقت، في شباط 2015، بعد الإفراج عنه في عام 2012 (كان معتقلاً منذ عام 1985)، ضربة للحركة الوطنية في الجولان، بعدما أحدثت سنوات صدقي القصيرة في الحريّة نشاطاً سياسيّاً لافتاً في الجولان. إلّا أن صدقي لم يكن وحيداً، وعلى الرغم من الترهيب والترغيب اللذين يمارسهما الاحتلال تجاه عناصر الحركة الوطنية الجولانية والناشطين السياسيين، إلّا أن العديد من هؤلاء لا يزالون يتحركّون لرفض ممارسات الاحتلال والتعبير عن رفضهم لسياساته وإجراءاته، ولا سيّما قرار وزارة الداخلية الأخير.

محاولات انتزاع الشرعية .... ورد الجولانيين

 

يقول الشيخ هايل شرف، من داخل بلدة مجدل شمس المحتلّة لـ«الأخبار»، إن «المجالس المحلية منذ أن تشكلت هي مجالس إسرائيلية ولا نعترف بها، ويعيّن فيها أزلام السلطة، يفكّرون الآن بأنهم يمررون قانون الانتخابات لدفع الناس إلى الاعتراف بشرعية الاحتلال، ثمّ استخدام هذا الاعتراف في المحافل الدولية». ويؤكّد الشيخ أن «هذا الأمر لن يحصل، ونحن لا نعترف بهذه الانتخابات، وهناك مشاورات على مستوى الجولان وموقف موحّد سوف يصدر خلال الأيام المقبلة يعبّر عن رأي الهيئة الدينية والمدنية في القرى المحتلة». وينفي شرف أن يكون أهالي الجولان يركضون وراء الجنسية الإسرائيلية كما تحاول سلطات الاحتلال تصوير الأمر، مؤكّداً أن «عدد أبناء الجولان حوالى 22 ألف نسمة، وعدد الحاصلين على الجنسية لا يتجاوز 4500، معظمهم بسبب الزواج بفتيات من أبناء الجليل والكرمل، و3% فقط حصلوا على الجنسية طوعاً». بدوره، يقول الشيخ أبو وديع رفيق إبراهيم: «لن نفرّط بأي ذرة من تراب الجولان، وأي قبول بالانتخابات هو اعتراف بالاحتلال وهذا ما لن يحصل». ويضيف الشيخ أبو محمد قاسم محمود الصفدي، أن «سكّان الجولان لا يمكن أن يقبلوا بإجراء الانتخابات المحلية لأن هذه الأرض سورية، ولن نرضى بالانتخابات. وإذا كان من مشاركين فسوف نعمل على منعهم، فالاحتلال عاجلاً أو آجلاً إلى زوال». من جهته، يقول توفيق عماشة، من بلدة بقعاثا، إنّ «غالبية الأهالي ضد الانتخابات وهناك استنفار عام في الجولان لرفض الأمر، ومرجعنا الوثيقة الوطنية»، ويؤكد بشر المقت لـ«الأخبار» أنّ «هناك رفضاً عارماً لهذا القرار، وهو جزء من التطبيع مع الاحتلال ونرفض هذه الإجراءات تحت حراب الاحتلال وبنادقه، ونحن متمسّكون بهويتنا العربية». كذلك يعتبر الصحافي بسّام الصفدي أن «هذا القرار لم يصدر لولا مساعدة أذناب الاحتلال، وخصوصاً أنه تشجيع على نيل الهويات الإسرائيلية، والقرار له تداعيات كبيرة ويشغل الجولان عن قضية العودة إلى سوريا والمطالبة بالأرض وخلق فتنة بين السكّان، وردّ الأهالي سيكون حاضراً من خلال الرفض المطلق».

مواقف سورية ولبنانية

ولا يقتصر موقف رفض الانتخابات المحليّة على الجولانيين، إذ وجّه عددٌ كبيرٌ من مشايخ طائفة الموحّدين الدروز وفاعليات سياسية سورية ولبنانية عبر «الأخبار» تأييداً لمواقف أهل الجولان الرافضة لقرار سلطات الاحتلال. ويقول شيخ العقل في سوريا يوسف جربوع، إنّ «الجولان عربي سوري، ونحن ندعم موقف أهلنا في الجولان برفض الانتخابات، وبصمودهم ورفضهم للهوية الإسرائيلية وتهويد الجولان». ويقول شيخ العقل نعيم حسن إن «مواقف أهل الجولان مشرّفة ووطنية، ونحييهم ونحيي صمودهم، ولدينا اطمئنان كافٍ بأنهم سيتخذون الموقف المناسب برفض قرارات الاحتلال».

زعماء الطوائف يستثمرون نفاياتها

إرسال إلى صديق طباعة

قرر مجلس الإنماء والإعمار أن «يساير» مجلس الوزراء، فأرسل إليه ملف تلزيم أعمال الكنس والجمع ونقل النفايات في بيروت وجبل لبنانترك الباب مفتوحاً أمام شركات لا تمتلك خبرة في جمع النفايات للتقدم للمناقصة (هيثم الموسوي) والشمال، ولأن الوزراء جانبوا تحديد مواقع للفرز والمعالجة، اقترح مجلس الإنماء والإعمار أن يعتمد مواقع افتراضية لتوحيد السعر الذي بات بدوره افتراضياً أيضاً!

بسام القنطار

 وجّه رئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر، كتاباً يوم الجمعة الماضي، ضمّنه ملف التلزيم (دفتر الشروط) العائد لمناقصة تلزيم أعمال كنس النفايات وجمعها ونقلها في نطاق محافظة بيروت ومعظم محافظة جبل لبنان ومحافظة لبنان الشمالي.

وكان مجلس الوزراء قد اتخذ قراراً حمل الرقم ٤٦ بتاريخ ٣٠ تشرين الأول الماضي، تضمن تكليف مجلس الإنماء والإعمار إجراء مناقصة مفتوحة لتلزيم أعمال كنس النفايات وجمعها ونقلها في نطاق المحافظات الثلاث، على أن تقسم هذه المحافظات إلى خمس مناطق خدماتية: قضاء الشوف وعاليه وقسم من قضاء بعبدا (تقدر كمية النفايات التي تنتج منها يومياً بنحو ٦٥٠ طناً)، ضاحية بيروت الجنوبية بمعظمها (تقدر كمية النفايات التي تنتج منها يومياً بنحو ٨٦٠ طناً)، بيروت وقسم من قضاءي بعبدا والمتن الساحلي (تقدر كمية النفايات التي تنتج منها يومياً بنحو ٩٨٥ طناً)، ما بقي من قضاء المتن وقضاء كسروان (تقدر كمية النفايات التي تنتج منها يومياً بنحو ٦٧٠ طناً)، محافظة لبنان الشمالي (تقدر كمية النفايات التي تنتج منها يومياً بنحو ٧٥٠ طناً).
الشرط الأول الذي وضعه مجلس الإنماء والإعمار يوضح معالم المناقصات - الصفقات الجديدة التي يتوقع أن تطلق مطلع العام المقبل، إذ ستطرح ملفات التلزيم في المناطق الخمس، على أن يُعطى كل عارض حق الاشتراك في مناقصتين على الأكثر! لماذا حصر حق العارض بالتقدم إلى مناقصتين كحد أقصى؟ ولمصلحة من؟ بالتأكيد لم يوضع هذا الشرط لمصلحة التخفيف من كلفة خدمات النظافة التي تقتطع من أموال البلديات المجمعة في الصندوق البلدي المستقل. القرار السياسي واضح في هذه البند، فالمطلوب بالدرجة الأولى كسر احتكار شركة سكر للهندسة (سوكلين) التي تتولى حالياً جمع النفايات ومعالجتها في بيروت وجبل لبنان، ما عدا قضاء جبيل. وبحسب دفتر التلزيم الجديد بات على سوكلين أن تختار منطقتين خدماتيين للتقدم إلى المناقصتين المخصصتين لهما. وتشير الترجيحات إلى أن البورصة السياسية رست على إعادة تلزيم سوكلين محافظة بيروت مع ترجيحات تشير إلى أن حزب الله لا يمانع أن تتقدم الشركة إلى مناقصة ضاحية بيروت الجنوبية، خصوصاً أن طريقة عمل الشركة في المنطقة التي تشهد أعلى منسوب من المخاطر الأمنية، يريح جهاز أمن حزب الله، إذ يجري التنسيق معه بنحو حثيث في جميع عمليات جمع النفايات ونقلها.

 "حصر حق العارض بالتقدم إلى مناقصتين كحدّ أقصى بهدف تكريس المحاصصة"

 وفيما باتت مناقصة قضاء عاليه والشوف وجزء من بعبدا محسومة لشركة تأسّست، وتضم تيمور جنبلاط ورياض الأسعد، ومناقصة كسروان والمتن شبه محسومة لشركة أسّسها الوزير الياس بو صعب، وستتعاون مع شركة لافجيت التي يملكها الياس أزعور شقيق الوزير السابق جهاد أزعور، وهي تتولى جمع النفايات في نطاق اتحاد بلديات الميناء. وليس معلوماً إذا كانت لافجيت ستتقدم بدورها لمناقصة منطقة الشمال، علماً بأن حجم النفايات التي تجمعها هي أقل بكثير من الكميات الناتجة من المناطق الخدماتية التي قُسِّمَت في قرار مجلس الوزراء، وهو ما يضع علامة استفهام حول إمكانية تأهلها للمناقصة من دون الاستعانة بشركة أجنبية، والأمر نفسه ينطبق على الشركة التي أسسها جنبلاط.
يسمح دفتر التلزيم الجديد بالاشتراك في هذه المناقصات للشركات والمؤسسات اللبنانية التي تستوفي شروط الخبرة المحددة في ملف التلزيم، وأهمها أن يكون حجم الأشغال السنوي يفوق ١٥ مليون دولار أميركي خلال السنوات الخمس الأخيرة، وأن يكون قد نفذ مشروعاً أو مشروعين مشابهين (كنس وجمع ونقل نفايات منزلية صلبة)، على ألّا يقل مجموع كمية النفايات فيهما عن الكمية المحددة للمشروع المطروح، وعلى ألّا يعود تاريخ إنجاز العمل فيهما لأكثر من سنتين من تاريخ تقديم العروض، وألّا تقل مدة تنفيذ كل منهما عن أربع سنوات، أو أن يكون في عهدته، بتاريخ تقديم العروض، مشروع أو مشروعان مشابهان بدأ بتنفيذهما قبل سنتين على الأقل، وألّا تقلّ مدة تنفيذ كل منهما عن ٤ سنوات على الأقل، وعلى ألّا يقل مجموع كمية النفايات فيهما عن الكمية المحددة للمشروع المطروح.
إذا كانت الشروط المبينة أعلاه منطقية لأي متعهد أو شركة للتأهل للمناقصة، فإن مجلس الإنماء والإعمار فتح الباب واسعاً في دفتر الشروط نفسه لإمكانية التقدم إلى المناقصة للشركات والمؤسسات اللبنانية المؤهلة لدى مجلس الإنماء والإعمار لتنفيذ المشاريع التي تتجاوز قيمتها عشرة ملايين دولار أميركي، في أي فئة من الفئات الآتية: طرق، مبانٍ أشغال مدنية، على أن تستوفي شروط الخبرة المحددة للشركات المتخصصة بجمع النفايات المنزلية الصلبة، سواء منفردة أو بالائتلاف مع شركة أجنبية (تُجمع الخبرات للشريكين)، على أن تكون الشركة اللبنانية هي الشريك الأساسي الذي يقود المشروع، أما بالنسبة إلى شرط حجم الأشغال السنوية (١٥ مليون دولار أميركي)، فيجب استيفاؤه من كل من الشريكين منفردين. ويحدد دفتر التلزيم أنّ على المتعهد المباشرة بالعمل خلال فترة شهرين من تاريخ توقيع العقد الذي حدد بسبع سنوات.
أمام ترك الباب مفتوحاً بوجه شركات لا تمتلك خبرة في جمع النفايات، يطرح أكثر من سؤال عن الكلفة الإجمالية لهذه العقود التي قدّرها وزير البيئة محمد المشنوق بنحو ٨٠ مليون دولار، وتشير التوقعات إلى أن المناقصات النهائية سترسو على أسعار مقدرة بأعلى من المبلغ الذي حدده المشنوق لأسباب عدّة، أهمها أن قرار مجلس الوزراء ترك الباب مفتوحاً لاقتراح مراكز الفرز من قبل المتعهد في مناقصة المعالجة والطمر، إذ إن العارض في مناقصة الكنس والجمع والنقل الذي سيشترك في المناقصة يحتاج إلى معرفة المواقع التي ستنقل إليها النفايات ليحدد سعره، وقد ابتكر مجلس الإنماء والإعمار بدعة غير مسبوقة في دفاتر الشروط الحكومية، حيث اعتمد مراكز الفرز والمعالجة الحالية في العمروسية – الشويفات وفي الكرنتينا ومستودع برج حمود للمخلفات الكبيرة كنقاط «افتراضية» سيجري النقل إليها، بهدف التسعير ومقارنة الأسعار على قاعدة واحدة، على أن تعدَّل الأسعار «إذا دعت الحاجة» بعد معرفة المواقع النهائية التي ستنقل إليها النفايات في كل منطقة! وأمام هذه المعادلة الفريدة من نوعها، بات من المحتم أن تكون الأسعار المقدمة لمناقصة بيروت والضاحية الجنوبية أدنى بما لا يقاس بمناقصات بقية المناطق نتيجة قرب المسافة التي ستنقل النفايات إليها، علماً بأن عملية تحديد الكلفة لا ترتبط فقط بالمسافة، بل أيضاً بمعدل استهلاك الشاحنات وحركة السير وغيرها من الأمور التقنية التي ستجعل من العارض المتقدم لمناقصة منطقة الشمال، على سبيل المثال، في موقف محرج وغير واضح لتقدير الكلفة التي تمكنه من المنافسة والفوز بالعقد.
دفتر شروط إذاً يترك الباب مفتوحاً أمام أسعار غير حقيقية، وهذا ما يعيد طرح السؤال الأهم: هل سينجح إطلاق مناقصة تلزيم الجمع والكنس والنقل قبل أن تتحدد مراكز المعالجة والطمر و/أو الحرق؟ وأي صفقة تطبخ لشكا وسبلين وزغرتا؟


نسخة منقحة عن العقد القديم

يضم دفتر الشروط مئات الصفحات التي تحدد الأمور التقنية المرتبطة بطريقة احتساب الكميات ودفع المستحقات لأعمال الجمع، حيث سيعتمد السعر الإفرادي التعاقدي إن كانت الزيادة أو النقصان للكمية المرفوعة ضمن نسبة ٢٠% كحد أقصى عن الكمية الأساسية المحددة في العقد، أما إذا زادت أو نقصت عن هذه النسبة، فللإدارة أو المتعهد أن يطلب تعديل السعر الإفرادي بالاستناد إلى تحليل الأسعار التعاقدي. أما بالنسبة إلى الكنس، فاعتمد السعر المقطوع السنوي، ويجري تعديل السعر في حال انسحاب أو انضمام بلديات إلى نطاق العمل، على أساس سعر افرادي للكيلومتر الواحد الطولي يُحدَّد بالاستناد إلى السعر السنوي المقطوع التعاقدي مقارنة مع أطوال الشوارع الملحوظة في العقد.
وعلمت «الأخبار» أن حزب الكتائب كلف استشارياً متخصصاً درس دفتر الشروط والتعليق عليه، وسيطلب وزراء الكتائب من مجلس الوزراء تأجيل بتّ دفتر الشروط إلى حين ورود الملاحظات من الاستشاري، علماً بأن المعلومات الأولية تشير إلى أن العقد الحالي هو نسخة منقحة عن العقد القديم الموقع مع سوكلين مع إضافة عدد من التعديلات (قاعدة احتساب الأسعار مثلاً) لمصلحة المتعهدين الجدد!

مجتمع واقتصاد
العدد ٢٤٤٢ الاربعاء ١٢ تشرين الثاني ٢٠١٤

روسيا تنوي إقامة قاعدة بحرية دائمة في طرطوس

إرسال إلى صديق طباعة

زياد حيدر

في نهايات آذار من العام الماضي، أعلن الرئيس السوري بشار الأسد عن ترحيبه بأي خطط روسية لتوسيع وجود الروس العسكري في سوريا، لا سيما في طرطوس حيث تمتلك البحرية الروسية رصيف خدمة وصيانة سفن حربية منذ سبعينيات القرن الماضي، طوّرته أخيراً لتأمين احتياجات القاعدة الجوية في حميميم.
وجاءت الاستجابة أخيراً، بإعلان وزارة الدفاع الروسية رغبتها إنشاء قاعدة بحرية دائمة في المدينة، وذلك استجابة لعوامل عدة بينها الرغبة السورية، والحاجة اللوجستية، وآفاق الاستراتيجية العسكرية الروسية، التي تؤكد أن مستقبل المنطقة عموماً وليس سوريا فقط، بات أكثر غموضاً من أي وقت مضى.
وجاء الاعلان الروسي من وزارة الدفاع الروسية أمس. ونقلت قناة «روسيا اليوم» عن نائب وزير الدفاع الروسي نيقولاي بانكوف قوله، خلال اجتماع للجنة الشؤون الدولية في مجلس الشيوخ (الاتحاد) الروسي أمس، «ستكون لدينا في سوريا قاعدة عسكرية بحرية دائمة في طرطوس. ولقد تم إعداد وثائق بهذا الشأن، ويتم التنسيق بشأنها حالياً بين مختلف الهيئات».
وتوقّع بانكوف بأن تطلب وزارة الدفاع الروسية قريباً من البرلمان المُصادقة على الوثائق بهذا الشأن.
وكان الرئيس الأسد، في نهاية آذار من العام الماضي وفي لقاء مع مجموعة من الإعلاميين الروس، قال رداً على سؤال بهذا الخصوص بأن سوريا تُرحّب «بكل تأكيد، بأي توسّع للتواجد الروسي في شرق المتوسط، وتحديداً على الشواطئ وفي المرافئ السورية».
ورأى الأسد أن «التواجد الروسي في أماكن مختلفة من العالم، بما فيها شرق البحر الأبيض المتوسط، ومرفأ طرطوس السوري، ضروري جداً، لخلق نوع من التوازن الذي فقده العالم بعد تفكك الاتحاد السوفياتي منذ أكثر من 20 عاماً».
ورحّب الرئيس السوري حينها بالتواجد الروسي في بلاده والمنطقة، قائلاً: «بالنسبة لنا، كلما تعزّز هذا التواجد في منطقتنا، كلما كان أفضل بالنسبة إلى الاستقرار في هذه المنطقة، لأن روسيا تلعب دوراً مهماً في استقرار العالم».
وكتبت «السفير» حينها، (1 نيسان 2015) عن «المد والجزر» في العلاقة بين موسكو ودمشق من هذه الناحية.
فبينما كان الرئيس الراحل حافظ الاسد أكثر ميلاً للحفاظ على مسافة «مرنة» في التحالف بين البلدين، و ل اسيما في ما يخصّ القواعد الدائمة على الطريقة الأميركية، وذلك حتى سقوط الاتحاد السوفياتي في التسعينيات، بات الميل لـ «جذب الروس عسكرياً إلى المنطقة في دمشق أقوى» لاحقاً، وتحديداً بعد الاحتلال الأميركي للعراق.
ومع دخول الأزمة السورية نفق الحرب المُعقّدة التركيب الأعوام الماضية، وتحوّل سوريا إلى مسرح حروب بالوكالة، أكد ديبلوماسيون ومسؤولون سوريون لـ «السفير»، أن سوريا أبدت رغبتها في توسيع التواجد الروسي في منطقة شرق المتوسط، وتحديداً عبر طرطوس، بحيث يتحوّل إلى تواجد عسكري محدود المعايير».
والآن، مع دخول هذه العلاقة طوراً جديداً، من التحالف العسكري والسياسي، توصّل الطرفان للنتيجة المحتمة بأنه لا بدّ من تحويل الرصيف البحري المتلاصق مع مرفأ طرطوس التجاري إلى قاعدة حقيقية.
ومعروف أن الرصيف لم يكن يتمتع بقوة عسكرية، وكان نشاطه يقتصر على عمليات الصيانة الفنية لسفن الأسطول الروسي خلال عبورها المتوسط كل أشهر عدة، في زيارات، بينها ما هو روتيني وما هو زيارات عمل.
ويعود تاريخ بناء الرصيف إلى العام 1971، وخضع لعمليات تجديد في العام 2009، فاستُبدلت «قطع صدئة، وتم رفع وتبديل 16 مرساة (تزن كل واحدة 50 طناً)، ومدت خطوط أنابيب للمياه العذبة، وغيرها من أعمال الصيانة والتحديث» وفق ما ذكرت وسائل إعلام روسية حينها.
إلا أن الحديث توقّف، حتى العامين الأخيرين، حينما بانت الحاجة الفعلية لتعزيز الوجود الروسي في المتوسط في ظلّ استيقاظ الحرب الباردة. وفي آذار العام 2013، اكتشفت قوى الأمن السورية بالصدفة البحتة، أجهزة رصد وتجسّس إسرائيلية متطوّرة للغاية على إحدى الجزر الصخرية المهجورة، على مسافة لا تبعد سوى مئات الأمتار عن شاطئ طرطوس، وكيلومترات معدودة عن الرصيف البحري الروسي.
وترك هذا الحادث اسئلة كبيرة حول أمن القوات الروسية مستقبلاً، الأمر الذي دفع إلى اتخاذ إجراءات عسكرية مشدّدة على الشواطئ السورية وفي المرفأ. وهي اجراءات ستزيد مستقبلاً، كما يبدو، وربما تُقلّص من نشاط المرفأ التجاري أيضاً.
وتزامن هذا الأمر مع قيام الجانبين نهاية العام ذاته بتوقيع صفقة هي الكبرى من نوعها بينهما، للتنقيب عن النفط في مياه الساحل السوري، بمساحة تغطي 2190 كيلومتراً مربعاً، وبطموحات اقتصادية، لاستخراج 2,5 مليار برميل نفط ونحو 8,5 تريليون قدم مكعب من احتياطات الغاز المثبتة، وفقاً لما نشرته مجلة «اويل اند غاز» حينها.
وحين نُقل عن الأسد رغبته هذه، في ربيع العام الماضي، علّق مسؤول عسكري روسي في هيئة الأركان الروسية أن هذا الموضوع يحتاج إلى قرار من القيادة العليا.
نقلت مواقع روسية عن المصدر السابق في القوات البحرية الروسية قوله إن «أي قرار لتحديث البنية التحتية لمركز الإمداد المادي والتقني الروسي في طرطوس، لا يُمكن أن يتمّ إلا بعد اتخاذ قرار سياسي بهذا الخصوص يجري بالتنسيق مع الجانب السوري»، موضحاً أن أي تحديث يجب أن يجري «بمراعاة الموقف السياسي والعسكري في منطقة البحر المتوسط»، وبالتالي «سيشمل تعزيز جميع أنواع حماية المشروع بما في ذلك الدفاع المضاد للجو وضدّ المُخرّبين، وسيجري بالتنسيق مع الجانب السوري». ويبدو أن شروط الأمس باتت تحكم أحوال اليوم وربما مستقبل الغد.

 11-10-2016

JPAGE_CURRENT_OF_TOTAL