You are here: الصفحة الرئيسة

Harakat Al-Shaab - حركة الشعب -لبنان

«السلسلة» تتخطى المطب الأصعب: المصارف في عين الرسوم

إرسال إلى صديق طباعة

1865db42-376a-4623-98cb-703a184dacbaكل يوم تشريعي يمر في المجلس النيابي يكشف عن عورات كبيرة راكمها النظام السياسي. ليس تفصيلاً أن تكون أغلبية البنود التي يتضمنها جدول أعمال الجلسات التشريعية، التي تعقد منذ أن أعيد إحياء المجلس، تتعلق بتسوية أوضاع عمال وموظفين وأصحاب حق ظلموا لسنوات طويلة. كان دائماً يسود اتجاهان في المناقشات، الأول يعطي الأولوية لإنصاف من هدرت حقوقهم، والثاني يركز على تكبير حجم المخاطر على الاقتصاد الوطني. ولكن لا أحد يقول لماذا هدر حق الموظفين في الأساس، ومن قرر حرمانهم من مستحقاتهم ولماذا، ومن يتحمل مسؤولية ضرب القطاع العام لمصلحة الإدارات الرديفة، ومن قرر استغلال جيش المتعاقدين والمياومين والأجراء لتلبية حاجات سياسية تضمن ولاءهم الدائم إلى من أمّن لهم مورد رزقهم.
ليست حكومات الرئيس رفيق الحريري وحدها المسؤولة عن «الإرث الثقيل»، إنما كل الكتل النيابية والقيادات التي حكمت منذ ما بعد اتفاق الطائف وحتى الأمس.
بعض هؤلاء تنبه إلى خطورة ما ارتكبت يداه، فيما البعض الآخر اعتمد الهجوم وسيلة للدفاع. وبدلاً من أن يسعى إلى التكفير عن ذنبه صار يحاضر بحماية الاقتصاد والتحذير من أخذ البلد إلى الهاوية والإفلاس. مع ذلك، فإن ما يجري منذ أسبوعين يوحي أن قطار عودة الحق إلى أصحابه قد انطلق ولن يتمكن أحد من إيقافه، مهما حاول البعض شيطنته والإيحاء أن حقوق الموظفين لن تكون إلا على حساب باقي المواطنين. تلك المعادلة التي توضع تحت المجهر منذ أيام، بدأت تؤتي ثمارها لدى كثر. ذلك استدعى تعديلاً بأهداف «هيئة التنسيق النقابية»، التي تخلت عن ثابتة «المطالبة بحقوق العمال من دون أن تكون معنية بكيفية تأمينها». انتقلت إلى التحذير من تحميل الفقراء مسؤولية التمويل والاستمرار بحماية «حيتان المال» ومصالحهم.

إصرار على «السلسلة»

قبل أن يغرق متطوعو الدفاع المدني في البحر الذين لطالما أنقذوا منه أرواحاً، كان المجلس يقر قانون تثبيتهم. انضمّوا إلى القافلة التي أنصفت المياومين، فيما كانت سلسلة الرتب والرواتب تأخذ جرعة دعم من رئيس المجلس النيابي الذي أصرّ على عقد جلسة للجان المشتركة بعد ظهر أمس، مؤجلاً اكتمال جدول أعمال الجلسة التشريعية إلى اليوم.
قبل ذلك، كان بري قد مهّد لجلسة اللجان بإيفاد النائب علي بزي للقاء وفد من هيئة التنسيق ومعاتبتها على مواجهة المساعي الجدية التي تبذل لإقرار السلسلة بالتصعيد. لم ينته اللقاء إلا وكان الطرفان قد اتفقا على أن يكون الموعد الفاصل هو مساء الأحد المقبل، بحيث تلتزم الهيئة بتجميد كل قراراتها التصعيدية حتى ذلك الحين، مقابل سعي المجلس النيابي خلال المهلة نفسها إلى تحويل المشروع إلى الهيئة العامة. وبالفعل، بدا أمس أن ما اتفق عليه في الاجتماع مع بزي، أخذ طريقه نحو التنفيذ: اعتصام هادئ لهيئة التنسيق النقابية قابلته جلسة ماراتونية للجان المشتركة تخطت الخمس ساعات، أوحت بأن الأسبوع لن ينتهي إلا و«السلسلة» قد وصلت إلى محطتها الأخيرة في الهيئة العامة لمجلس النواب.

استنفار مصرفي

داخل الجلسة، كان التنشج يصل إلى أبعد مدى عند من ظنّ أن الخيمة التي وضعت فوق رأس المتمولين الكبار ستبقى إلى الأبد. وربما لأول مرة في تاريخ الجمهورية كانت الضريبة تطال أصحاب الريوع بشكل مباشر. ذلك استدعى تدخل مدراء وأصحاب المصارف، من خلال اتصالات أجريت مع عدد من المشاركين في الجلسة. كان الوزير علي حسن خليل بالمرصاد، فلم يتراجع عن اقتراحاته التي تطال أرباح هؤلاء، بالرغم من معرفته بحجم الضغوط التي يمكن أن يتعرض لها على أكثر من مستوى. وبعد معركة شد حبال، لم ترفع الجلسة إلا وكانت ثلاثة إنجازات قد تحققت: أولها زيادة الضريبة على فوائد الودائع من 5 إلى 7 بالمئة (تقدر عائداتها بنحو 220 مليار ليرة). ثانيها دفع المصارف لرسوم مماثلة بعد أن كانت تتهرب منها من خلال حسمها من ضريبتها على الأرباح. وثالثها استيفاء الرسوم من الشركات المدرجة في البورصة بعد أن كانت معفاة من الضريبة. كذلك، فقد أقرت مضاعفة الغرامات على الأملاك البحرية، قبل أن ترفع الجلسة إلى الثالثة من بعد ظهر اليوم.
وفي كل الحالات، لم يتوهم أحد من المرحبين بهذه الرسوم، بأن هذه «المنجزات» ستتم المحافظة عليها بسهولة عندما يطرح المشروع في الهيئة العامة. هناك ستكون المعركة أعنف بأضعاف، خاصة أنه يتوقع أن تعمد الهيئات الاقتصادية ومن يدعمها من الكتل إلى استنفار قواها من الآن وحتى ذلك الحين، إلا أن ذلك سيعني وضع النواب أمام خيارين: حماية مصالح الفقراء وذوي الدخل المحدود، وهم الأغلبية الساحقة، أو حماية من تسميهم هيئة التنسيق بـ«حيتان المال» وهم أقلية.
وللتذكير، فإن أرباح المصارف السنوية تصل إلى نحو مليارين و300 مليون دولار، وإذا أقرت الرسوم فإن هذه الأرباح ستنخفض نحو 150 مليون دولار فقط.

الركض نحو الهاوية

على جبهة متطوّعي وأجراء ومتعاقدي الدفاع المدني، الذين كانوا يتحضّرون للاحتفال بتثبيتهم بعد وعود وإشارات عديدة من النواب، كان الرئيس فؤاد السنيورة يحذر، في الجلسة التشريعية، من الركض نحو الهاوية، منتقداً تفصيل القوانين على القياس «كمن يفصل بدلة تناسب زراً».
ومن بوابة إقرار المشروع المتعلق بتعيين أساتذة الثانوي من الناجحين في المباراة المفتوحة التي أجريت في العام 2008، انتقد من يريد أن يعين كل الناس في الدولة من دون أن يسأل عمن يدفع الثمن. وأشار إلى تفهمه أنه «يجب أن ننصف العاملين في القطاع العام لكن ليس على حساب 4 ملايين لبناني».
أما لدى مناقشة قانون الدفاع المدني، فقد حذر السنيورة من الموافقة على جهاز جديد بالكامل وكأنه جيش صغير. وقال إن عمل الدفاع المدني يجب أن يكون عملاً تطوعياً وليس وظيفة لقاء أجر، معلناً أنه لا يوافق على إيجاد هذا الجهاز في الدولة اللبنانية.
هذه المداخلة جعلت الرئيس نبيه بري يعود إلى الأصل، إلى ضرورة إيقاف مبدأ التعاقد نهائياً والعودة إلى التوظيف بحسب حاجة الدولة ووفق الأصول المرعية، معتبراً أن ذلك إذا حققته الحكومة فيكون بمثابة الخطوة الإصلاحية الأولى.
وعند بدء مناقشة قانون الدفاع المدني، أشار بري إلى إرسال وزير الداخلية نهاد المشنوق لسلسلة تعديلات على القانون عبر الأمانة العامة لمجلس النواب. إلا أنه كان لافتاً اعتراض النائب جورج عدوان على عدم حضور المشنوق، مشيراً إلى أنه «لا يمكن أن يطرح ملاحظاته على ورقة بعدما أعطيناه أسبوعاً لدراسة المشروع». وعلى الأثر، برر رئيس الحكومة تمام سلام غياب وزير الداخلية باحتمال أمر أمني معين، طالباً انتظاره.
في هذه الأثناء، ناقش المجلس إعطاء فروق تعويضات الصرف ومعاشات التقاعد لموظفي الملاك الإداري أسوة بالعسكريين، إلا أن الاقتراح لم يقر، بعدما تخوف بعض النواب من أن يشكل ذلك باباً لمطالبات جديدة. وبعد سقوطه، استغرب النائب سامي الجميل عدم مدافعة الموقعين على الاقتراح عنه.
بعد ذلك، سأل النائب علي عمار عن «الوقت الذي يجب أن ينتظر المجلس النيابي جلالة قدره وزير الداخلية؟»، فردّ بري بالقول: سبق وأجلنا مواضيع عدة لساعة أو اثنتين.

«التطوع أفضل»

بعد عودة وزير الداخلية طرح الاقتراح مجدداً، فقال المشنوق: العدد يفوق 3200 متطوع وروح القانون هو بتحويل المديرية العامة للدفاع المدني الى نظام شبه عسكري، وهذا الأمر سينتج أعباء مالية كبيرة على الدولة وسيفقد المتطوع صفة المتطوعية، اذ سيصبح موظفاً مع الاعتراف بخدماته طوال فترة تطوعه.
وبعد خلاف على تصنيف الدفاع المدني إن كان مؤسسة شبه عسكرية أو مدنية، أوضح النائب نواف الموسوي أن البحث يجب أن يكون من زاويتين: موجبات الدفاع الوطني وإنصاف الذين قدموا واجباتهم في الدفاع الوطني، بغض النظر عن التسمية.
ودعا كل من النواب: هادي حبيش، حكمت ديب، ابراهيم كنعان، جورج عدوان، ألان عون وحسن فضل الله، إلى إقرار القانون. فيما أضاف فضل الله مطلباً آخر تمثل بالدعوة إلى إنصاف موظفي وزارة الإعلام.
وقبل التصويت على القانون، طرح المشنوق التعديلات التي كان قد اقترحها، ولاسيما إضافة بند خامس على المادة الرابعة وجاء في التعديل: يبقى في الخدمة، وبالصفة التي هم فيها إلى حين انتهاء خدماتهم لأي سبب كان، المتعاقدون والأجراء الموجودون في الخدمة بتاريخ صدور هذا القانون، والذين رسبوا في المباراة المحصورة التي أجريت لهم أو لم يشتركوا فيها لأي سبب كان.
كما اقترح الناب أيوب حميد إلغاء المادة التاسعة التي تنص على استفادة الذي سرحوا من الخدمة لبلوغهم السن القانونية من مواد هذا القانون لجهة الحقوق التقاعدية والمنافع والخدمات.
وقد أخذ النواب بالاقتراحين المقدمين، إضافة إلى تعديلات بسيطة أخرى، قبل أن يطرح القانون على التصويت فيُقر (النص المعدل لقانون تثبيت متطوعي وأجراء ومتعاقدي الدفاع المدني).

مطمر الناعمة

قبل رفع الجلسة إلى صباح اليوم، أقر اقتراح قانون إعطاء حوافز مالية للبلديات المحيطة بمطمر الناعمة بعد تعديله ودمجه باقتراح القانون المتعلق بإعفاء البلديات المتضررة مباشرة من المطمر من الديون المستحقة عليها للنظافة (النص الكامل للقانون المتعلق بإعفاء البلديات المتضررة من مطمر الناعمة ). كما اتفق على أن تقتطع الحوافز المقدرة بخمسة ملايين دولار من حصة البلديات المستفيدة من المطمر في الصندوق البلدي المستقبل، بحيث تدفع لبلديات عبيه وعين درافيل الناعمة، وبعورته والبني والشويفات والمشرف.

«أفكار» جنبلاط لتأمين موارد.. ومعالجة الفساد

قدّم رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط «جملة من الأفكار التي قد تفيد النقاش في تحديد موارد تمويل سلسلة الرتب والرواتب، ومعالجة مكامن الهدر والفساد في الدولة».
ولخص جنبلاط هذه الأفكار بالتالي:
÷ كشف المؤسسات والأفراد المتخلفة عن تسديد الضرائب، وتلك المكتومة، وتحسين الجباية.
÷ ضبط الهدر والفساد في الجمارك لتحقيق ارتفاع جدي في الواردات.
÷ ضبط النفقات غير المجدية في الصحة والتربية، وفرض رقابة جدية على وكلاء الأدوية والفواتير الاستشفائية وتعزيز دور المستشفيات الحكومية وتوحيد التعرفات الطبية والاستشفائية بين المؤسسات الضامنة لتوفير الأموال وتقليص الفواتير.
÷ الاستفادة من المحفظة العقارية العائدة للدولة والتي تقدر بنحو 48 ألف عقار، منها حوالي 18 ألف عقار مفرز، بالإمكان تأجيرها وتحقيق عائدات منها. والاستفادة منها أيضا لبناء مجمعات وزارية ووقف بدعة إيجار المباني الحكومية والإدارات العامة.
÷ اتخاذ قرارات جذرية في ملف الطاقة والكهرباء، وإيجاد الحلول الجذرية للكهرباء.
÷ ضرورة الإفراج عن مشروع قانون الأملاك البحرية لتحقيق مداخيل كبيرة.
÷ ضبط وتنظيم لوحات السيارات العمومية، وإعادة النظر بقطاع النقل العام والنقل المشترك ككل.
÷ البحث في الرسوم التي يمكن فرضها على البيوعات العقارية والصفقات الكبرى.
÷ مكننة الضمان الاجتماعي لتسريع المعاملات الإدارية وتقديم المزيد من الخدمات.
÷ إقفال بعض السفارات اللبنانية في الخارج حيث لا جاليات لبنانية كبيرة وتجميعها في دول مجاورة.
÷ التأكيد على الإصلاح الإداري في كل المرافق العامة والحكومية، ودعوة كل وزير لمكافحة الفساد داخل وزارته.
÷ توحيد الرواتب بين موظفي القطاع العام والحد من التفاوت الهائل الحاصل بين موظفي المجالس والمؤسسات العامة وموظفي الإدارة العامة والوزارات.
÷ دراسة ملف تخمة العمداء في الأسلاك العسكرية.
÷ البحث مجدداً في إعفاءات النواب من الجمارك لسياراتهم ولعددٍ من الامتيازات الأخرى التي ينالونها كالسفر وسواها.
÷ دراسة وضع لجان التخمين العقاري حيث يتم التلاعب بالتخمينات وتقديرها.
كما أعلن جنبلاط ان «الاشتراكي سيقدم قريباً مبادرة في اتجاه هيئة التنسيق النقابية تأكيداً منه على الالتزام بمطالبها المشروعة، مع الأخذ بالاعتبار الأوضاع الاقتصادية والمالية ووضع الخزينة والمالية العامة».

إلغاء «تأديب الأطفال»

أقدم مجلس النواب أمس على خطوة إيجابية على صعيد تعزيز حقوق الطفل عبر إلغائه المادة 186 من قانون العقوبات التي كانت تتيح للأهل والأساتذة إنزال ضروب التأديب بالأولاد. ويأتي إلغاء المادة بعد 24 عاماً على تصديق لبنان اتفاقية حقوق الطفل في العام 1990 التي تمنع ممارسة اي عنف على الاطفال تحت سن 18 سنة من اي جهة كانت.
وكان النائب سيمون أبي رميا قد تقدم امس باقتراح قانون معجل مكرر يرمي إلى تعديل المادة 186 من قانون العقوبات، ونص الاقتراح على مادة وحيدة تلغي البند الأول من المادة 186 وتستبدله بـ:«يجيز القانون: ضروب التأديب التي ينزلها بالاولاد ذووهم على ان لا تترك أي اثر على جسد الاولاد او تحدث ضررا في صحتهم الجسدية او النفسية».
واعتبر النائب مروان حمادة ان القانون يجيز التأديب من دون الحاق أذى نفسي وجسدي بالاولاد. وعلق النائب نقولا فتوش على فكرة السماح بالتأديب دون ترك أذى جسدي ونفسي، واقترح النائبان ايلي كيروز ومحمد حجار إلغاء المادة كلها، وايد الاقتراح الرئيس نبيه بري وطرحت على التصويت، فصدق الإلغاء.
ويأتي إلغاء المادة 186 على خلفية حوادث تعنيف الأولاد سواء في المدارس على أيدي المعلمين او في المنازل.

 

إيلي الفرزلي

جريدة السفير

تاريخ المقال: 10-04-2014

بصمات سعودية من تفجير الرويس إلى متفجرة كسارة

إرسال إلى صديق طباعة

هزّت بيروت وضاحيتها الجنوبية ثمانية تفجيرات إرهابية منذ إعلان المجموعات الإسلامية المتشددة لبنان «أرض جهاد». التفجيرات الأكبر كان وراءها تنظيم «كتائب عبدالله عزام». إعادة رسم خارطة التفجيرات وتقاطع المعلومات بين المنفّذين، يكشفان عن دور ما للاستخبارات السعودية. أما جديد المعلومات عن الشيخ بسام الطراس، الذي توسّط لإخراجه أهل السياسة والقضاء، فاتصالات مع مسوؤل العمليات الخارجية في تنظيم «الدولة الإسلامية» أبو الوليد السوري، بحسب تحقيقات أمنية غربية

رضوان مرتضى

كشفت المعلومات الأمنية أن الشيخ بسام الطرّاس كان على تواصل مباشر مع مسؤول العمليات الخارجية في تنظيم «الدولة الإسلامية» المدعو «أبو الوليد السوري».

والأخير هو من أشرف على التفجيرات الانتحارية التي استهدفت المدنيين في برج البراجنة في ١٢ تشرين الثاني الماضي. كذلك فإنّه الرجل الذي «هندس» الهجمات الانتحارية، في اليوم التالي، في العاصمة الفرنسية باريس.
لماذا قد يكون هناك تواصل بين شيخٍ لبناني وقيادي كبير في تنظيم «الدولة الإسلامية»؟ ما سرّ الصدفة التي جمعت الطرّاس مع منفّذ تفجير كسارة (زحلة)، اللبناني علي غانم، في تركيا؟ وهل يُعقل أن تتجدد الصدفة ليجتمع الرجلان في منزل المطلوب محمود الربيع، العنصر التنفيذي الرئيسي في تفجيري السفارة الإيرانية؟ وفوق كل ذلك، في معرض الصدفة أيضاً، يعترف أحد الموقوفين في الخلية التي نفّذت تفجير كسارة، وهو تحديداً من ضغط على زر التفجير، بأنّ الطرّاس عرّفه على المدعو «أبو البراء»، طالباً إليه تنفيذ كل ما يطلبه إليه. و«أبو البراء»، بحسب اعترافات أفراد الخلية، هو العقل المدبّر لعملية كسارة ولعمليات أخرى.
لا تنتهي الصدف عند هذا الحد، بل يدلي الطرّاس بإفادته أمام محققي الأمن العام قائلاً إنّ الاسم الحقيقي لـ«أبو البراء» هو محمد قاسم الأحمد. والأحمد هذا هو العقل المدبّر لـ«خلية الناعمة»، وأحد المسؤولين في «كتائب عبدالله عزام» والمسؤول عن تفجيري الرويس وبئر العبد، ويُعتقد بأنّه بايع مؤخراً تنظيم «الدولة الإسلامية».
صُدف عدة تتراكم حول شخص واحد هو الشيخ بسام الطراس. الرجل نفسه الذي كان قبل توقيفه بساعات موجوداً في السعودية، وقبلها كان في تركيا، والذي استدعى توقيفه انتفاضة وزير العدل المستقيل أشرف ريفي ووزير الداخلية نهاد المشنوق ومفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية صقر صقر لإرسال القاضي هاني الحجار ليلة عيد الأضحى للاستماع إلى إفادته شخصياً ثم يُقرر أنه غير متورط، من دون أن يواجهه بمن ذكر اسمه حتى، ناسفاً كل الجهود الأمنية التي سبقت استدعاءه بقرار من الحجار نفسه. وهنا يأتي أكثر الأسئلة مشروعية: لماذا تنتفض الدولة بأمنها وقضائها وسياسييها، بـ«كبسة زر»، لتضغط بكل ما أوتيت من قوة لترك موقوف، لسخرية القدر، يتبين لاحقاً من خلال تحليل داتا الاتصالات أنه مرتبط مع أحد أخطر الإرهابيين «أبو الوليد السوري»، الذي يأتمر بأوامر المتحدث باسم تنظيم «الدولة» أبو محمد العدناني؟!

"الصمت على توقيف «المعلومات» للطراس هل مردّه الاطمئنان إلى عدم استهداف مشغّله الحقيقي؟"

وللعلم، فإنّ أجهزة الاستخبارات الغربية عززت نشاطها على خط مراقبة الاتصالات الإلكترونية لجهاديين ينشطون على الساحة اللبنانية، بعدما تبيّن أنهم مفاتيح موصلة إلى قيادات من الصف الأول لتنظيم «الدولة الإسلامية»، والتي تتحرك من الرقة لإدارة العمليات الخارجية، ومن بينهم «أبو أنس العراقي» و«أبو البراء الإيعالي» و«أبو الوليد السوري»، علماً بأنّ الأخير قُتل، بحسب اعترافات «المنسّق أمني» الموقوف لدى فرع المعلومات محمود الغزاوي، خلال غارة أميركية استهدفته في الرقة.
من هنا تبدأ الحكاية. من محمد الأحمد وحسين الزهران (من العقول المدبّرة لعدد من التفجيرات) اللذين اختلفا مع نعيم عباس، «منظّم» التفجيرات التي استهدفت ضاحية بيروت، مروراً بمحمود الربيع وصطّام الشتيوي ومحمد عمر الإيعالي وصولاً إلى الطراس. وهنا تحديداً يحضر طيف الاستخبارات السعودية، عبر إحدى أدواتها التنفيذية في لبنان «كتائب عبدالله عزام». هذا التنظيم أسّسه أحد ضباط الاستخبارات السعودية السابقين ماجد الماجد الذي يُعتقد بأنّه كان مرتبطاً بمدير الاستخبارات السابق بندر بن سلطان. وللعلم، فإنّ ثمانية تفجيرات إرهابية هزّت بيروت وضاحيتها الجنوبية منذ إعلان المجموعات الإسلامية المتشددة لبنان أرض جهاد، فيما أفشلت الأجهزة الأمنية عمليات أُخرى. التفجيرات الأكبر والأكثر إيلاماً بلغ عددها خمسة، كان تنظيم «كتائب عبدالله عزام» وراءها، فيما تبنّى تنظيم «الدولة الإسلامية» تفجيرين، وسُجّل التفجير الثامن في حساب «جبهة النصرة». إعادة رسم خارطة التفجيرات وتقاطع المعلومات بشأن المنفِّذين يكشفان عن دور ما للاستخبارات السعودية، ويضعها في دائرة الاتهام بشكل مباشر، لا سيما بعدما بيّن الرصد التقني أنّ اتصالاً جرى بين مفجِّر سيارة الرويس، بعد العملية التي وقعت في آب ٢٠١٣، وشيخ مقيم في السعودية «زفَّ» فيه المتّصل نبأ نجاح العملية، ثم طلب لاحقاً تحويل مبلغ مالي. تجددت هذه الشبهة في التفجير الانتحاري الذي استهدف المستشارية الإيرانية، ورُصِد اتصال بين المنفذين ورقم هاتف سعودي. ورغم أن السلطات في الرياض تلقّت معلومات عن رقم الهاتف المشبوه، إلا أن أيّ إجراء لم يُتّخذ بحقه، بل بقي الهاتف «شغّالاً» بلا أي معوقات في أعمال أمنية أخرى. التنظيم نفسه اعترف، عبر المتحدث باسمه سراج الدين زريقات، بـ «غزوتي السفارة والمستشارية الإيرانية». أحد العناصر التنفيذيين في الهجوم كان المطلوب محمود الربيع الذي لعب دور المنسّق الأمني. اختفى الرجل، ليتبين لاحقاً أنّه انتقل إلى تركيا. بقي الربيع على تنسيق مع الأحمد والزهران اللذين نشطا لمدة على الحدود العرسالية مع القلمون، قبل أن يُفقد أثرهما. ومنذ أسابيع، عاد اسم الربيع على لسان الموقوف الرئيسي في «خلية كسارة» علي غانم، ليذكر أنّه اجتمع مع الطرّاس في منزل مُستأجر من قبل الربيع في تركيا. لم يأخذ القضاء بكل ما سبق. ضرب بهذه المعطيات عرض الحائط. استنفر مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر لنجدته حرصاً على أن يقضي الأخير عيد الأضحى في منزله. وهنا يُطرح سؤال مركزي: هل الغضب على توقيف الطراس من قبل الأمن العام كان محلياً؟ أم ان المحرّك موجود في السعودية، وهدف «الغضب» كان إخفاء ارتباطات للطراس؟ وهل خفوت الغضب بعد توقيفه من قبل فرع المعلومات مردّه الاطمئنان إلى أن الجهة المحققة لن «تستهدف» المشغّل الحقيقي لـ»كتائب عبدالله عزام» والطراس؟
فالقاضي صقر كان قد حدد اليوم جلسة للاستماع إلى الطرّاس، لكن قبل يومين ارتأى جهاز أمني آخر هو «فرع المعلومات» توقيفه مجدداً بشبهة وجود اتصالات بينه وبين جهات مشبوهة، بناءً على إشارة القاضي الذي أشار بتركه سابقاً. وسُرِّب في إحدى وسائل الإعلام، نقلاً عن مصادر أمنية، أنّ لا علاقة لتوقيفه بـ«خلية كسارة». فهل تتكرّر تجربة خلية الـ١٣ (أوقف أفرادها المنتمون إلى تنظيم «القاعدة» في الأيام الأخيرة من عام 2005 والأيام الاولى من عام 2006) يوم اعترف أحد أفرادها بعلاقته باغتيال الرئيس رفيق الحريري وقدّم معطيات خلال التحقيق ثبت صحّتها لاحقاً، ثم عاد ليتراجع عن اعترافاته لاحقاً.

سياسة

العدد ٣٠٠٢ الجمعة ٧ تشرين الأول ٢٠١٦

 

سلمان يُسعّر صراع العرش: الانقلاب يقترب!

إرسال إلى صديق طباعة

رزمة أوامر وقرارات أصدرها الملك السعودي سلمان، أول من أمس، فاق عددها الأربعين، وخلفت جدلاً واسعاً لدى المحللين. وفي وقت حاول فيه الإعلام الرسمي في المملكة صرف انتباه الشارع السعودي نحو قرار إعادة العلاوات والبدلات للموظفين، التي كانوا قد جرّدوا منها إثر أزمة أسعار النفط، توجّهت أنظار المراقبين صوب التعيينات الجديدة وما تحمله من دلالات على صعيد صراع الأجنحة داخل العائلة الحاكمة

خليل كوثراني

خطا وليّ وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان، أول من أمس، الخطوة الأكبر في مسار تحجيم ولي العهد محمد بن نايف، وذلك في محاولة جديدة لقطع طريق الأخير باتجاه العرش، التي يُدرك المحمدان أنها تمرّ عبر العاصمة الأميركية، واشنطن.

ويبدو ابن سلمان مصرّاً على إزاحة أي عثرة في طريقه، فيما لا يزال ابن نايف ملتزماً الصمت حيال القرارات. وحتى مساء أمس، لم يُبدِ الرجل أي ردّ فعل على الأوامر الجديدة، وهو الذي عُهد عنه التعليق على القرارات الحساسة في المملكة، وسبق أن وصف ابن سلمان في معرض التعليق على إطلاق ما سمّي «رؤية 2030» بـ«عضيدي وأخي ويدي اليمنى»، في محاولة للانتقاص من دور ابن سلمان وإظهاره كمعاون، لا أكثر.
الأوامر الملكية التي مررها ابن سلمان، مستخدماً ختم والده، وفق ما يقول العارفون بشؤون مؤسسة الحكم في المملكة، شملت في ما اشتملت عليه قراراً بتعيين نجل الملك، خالد بن سلمان، سفيراً للسعودية في الولايات المتحدة. قرار يشي برغبة جامحة لدى ابن سلمان في تحسين شروط تسويق اسمه لدى الدوائر الأميركية، كخليفة لوالده، بعدما توالت التقارير الأميركية التي تنفي حسم دوائر القرار في واشنطن لمسألة اختيار أحد المحمدين، فيما أبقت بعض هذه التقارير على تأكيد ميل الأميركيين إلى محمد بن نايف، نظراً إلى خبرته الواسعة وخبرة الأميركيين في التعامل معه، لا سيما في ما يرتبط بملف «الحرب على الإرهاب».
وربما اللقاء الأخير بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، منح بن سلمان حماسة أشد لاستغلال التقرب من الأميركيين، إذ لمس الأمير الشاب، في أثناء الزيارة، استعداداً من ترامب لسماع بن سلمان والعمل معه في الملفات الكبرى في المنطقة. هكذا وجد بن سلمان الفرصة سانحة لإقامة خط ساخن وآمن مع الأميركيين، يمكن الوثوق بالعمل معه لإبقاء الاتصال المباشر بواشنطن، حيث الرهان على إمكانية تخطّي ابن نايف وإبعاده من درب طموحاته.
وقع الخيار على شقيق محمد بن سلمان، خالد بن سلمان (مواليد 1985)، ليحل محل عبدالله بن فيصل آل سعود، سفيراً للرياض في واشنطن، على الرغم من صغر سنّه، وانعدام أيّ تجربة سياسية أو دبلوماسية لديه، وهو سيكون بذلك أصغر سعودي يُعيّن في منصب مماثل. وخالد ضابط برتبة ملازم طيار في سلاح الجو السعودي، اشترك في حربي اليمن و«التحالف الدولي» ضد «داعش». تخرّج عام 2009 في برنامج الطيران الحربي في ولاية ميسيسيبي الأميركية، بعدما كان قد التحق بكلية فيصل الجوية في الرياض.


لم يكتف محمد بن سلمان بكل ما تقدم. القفزة فوق ابن عمه محمد بن نايف بدت أمس حرباً شاملة، طاولت ملفات الاستخبارات والنفط والأمن الداخلي، آخر معاقل ابن نايف والملف اليتيم المتبقي في حوزته. فقد انقضّ ابن سلمان على السلطات التي يشغلها ابن نايف على رأس وزارة الداخلية، و«مجلس الشؤون السياسية والأمنية» الذي لم يمض وقت طويل على إنشائه، مستحدثاً مركزاً منافساً باسم «الأمن الوطني»، يرتبط مباشرة بالديوان الملكي، وعُيّن عليه محمد الغفيلي «مستشاراً للأمن الوطني بالمرتبة الممتازة»، في خطوة مرشحة لأن تحاصر ابن نايف، وتقلص من صلاحياته ونفوذه في المملكة.
وفي خطوة لا تقل خطورة، قرر ابن سلمان ترقية أكثر الرجال قرباً منه وولاءً له، وهو الناطق باسم تحالف العدوان على اليمن، أحمد عسيري، ليشغل منصب نائب رئيس الاستخبارات، الجهاز الأكثر حساسية لضمان الولاءات، وذلك مكان الفريق يوسف الإدريسي. حتى إن محمد بن سلمان ذهب بعيداً في إغاظة محمد بن نايف ومزاحمته، عبر تعيين ابن أخيه، حفيد الملك سلمان، المستشار السابق في سفارة السعودية بلندن، أحمد بن فهد بن سلمان، نائباً لأمير المنطقة الشرقية، سعود بن نايف بن عبد العزيز، الشقيق الأكبر لمحمد بن نايف.
وفي ملف النفط، استكمل جناح الملك سلمان الاستحواذ على مرافق القرار في قطاع الثروة البترولية، عبر استحداث وزارة باسم «شؤون الطاقة»، وتعيين نجل آخر للملك وزيراً لها، هو الأمير عبد العزيز بن سلمان. ويختلف عبد العزيز عن أخيه خالد بامتلاكه خبرات وتجارب واسعة في قطاع النفط. وباختراع هذه الوزارة لعبد العزيز، يكتمل مشهد تجميع السلطات والمناصب ومنصات القرار في الحكم بيد عائلة سلمان بن عبد العزيز الصغيرة.
وأفصحت القرارات هذه عن توجّه لدى جناح سلمان لأن يكون عامل القرابة من الملك الحالي أو التحدر منه، فضلاً عن الولاء لشخص محمد بن سلمان، العاملَ الحاسم في اختيار أصحاب المناصب، بعد جريان العادة على أن تأخذ التعيينات في الحسبان إرضاء الأغلبية من أولاد المؤسس عبد العزيز. ويبدو الجناح السلماني في استبداده بالمناصب غير متحرج من تحريك المياه الراكدة لدى الأجنحة الأخرى من أنجال عبد العزيز وأحفاده، ومصرّاً على تيئيس هؤلاء من انتظار أي فرص لوراثة تركة عبد العزيز.
الفصل الجديد من انقلاب ابن سلمان الأبيض على ابن نايف، موّهه الأول بـ«قنبلة دخانية» تضمنت بضعة قرارات شعبوية تستجدي الاحتفاء الإعلامي، وأبرزها قرار إعادة البدلات والمكافآت والمزايا المالية لموظفي الدولة إلى ما كانت عليه قبل قرار إلغائها منذ أشهر، وكذلك قرار بإنهاء الاختبارات قبل حلول شهر رمضان، وصرف راتبين للعسكريين المشاركين «فعلياً» في العدوان على اليمن.
وسبقت القرارات مقابلة أجراها محمد بن سلمان مع الكاتب الأميركي المتودّد إلى مؤسسة الحكم السعودية، ديفيد اغناتيوس، لمصلحة صحيفة «واشنطن بوست»، كانت بمثابة الإنذار الممهّد الذي وجّهه ابن سلمان لابن نايف، جدّد عبرها تكريس صورة الرجل المتفرد بالحكم. أعقبت المقابلة الأوامر الملكية الأخيرة، ناسفة ما كتبه اغناتيوس عن انطباع كوّنه بأن «فرضية التوتر السياسي (بين ابن نايف وابن سلمان) أصبحت غير مطروحة».
يبقى أن القرار الأكثر طرافة تمثل في أمر الملك السعودي بإعفاء وزير الخدمة المدنية، خالد العرج، وإحالته إلى التحقيق سنداً إلى تقرير رفعه رئيس «الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد»، أما التهمة فهي: تعيين العرج لأحد أبنائه، وهو عبدالله العرج، في إحدى الوظائف الحكومية!

 

يمكنكم متابعة الكاتب عبر تويتر | khalil_lb@
عربيات
العدد ٣١٥٩ الاثنين ٢٤ نيسان ٢٠١٧
جريدة الاخبار

«السلسلة» محاصرة: أرقام.. وتهويل.. ولا تمويل!

إرسال إلى صديق طباعة

لدى مقاربة موضوع «السلسلة»، يتضح أنها عالقة في حقل ألغام مالية، اقتصادية، سياسية، نقابية وعلى مستوى الهيئات الاقتصادية (بلال قبلان)يخضع مشروع سلسلة الرتب والرواتب لاختبار جديد للنيات في مجلس النواب اليوم، وسط اجواء ضبابية لما سيؤول اليه مصير المشروع في جلسة اللجان النيابية المشتركة المنقسمة في النظرة الى «السلسلة»، وما قد يترتب على إقرارها او عدمه من تداعيات، سواء على مستوى الموظفين والأساتذة و«هيئة التنسيق النقابية» التي تلوح بخطوات تصعيدية ما لم تقر مطالبها، ولاسيما إعطاء نسبة غلاء معيشة بنسبة 121 في المئة، أسوة بالقضاة وأساتذة الجامعة اللبنانية، ومن دون أي تمييز، او على مستوى الهيئات الاقتصادية التي تدق ناقوس الخطر من «السلسلة» وتحذر من الكلفة والأعباء والخطورة على الوضع الاقتصادي بشكل عام.
ولدى مقاربة موضوع «السلسلة»، يتضح أنها عالقة في حقل ألغام مالية، اقتصادية، سياسية، نقابية وعلى مستوى الهيئات الاقتصادية. فالنظرة الاقتصادية إلى المفاعيل الجدية لـ«السلسلة» تختلف بين هذا وذاك نتيجة مقاربتها من غير بابها أولاً، وثانياً نتيجة غياب السياسة الرسمية للأجور والرواتب، وكذلك غياب الارقام الدقيقة حول الكلفة، بالاضافة إلى عدم وجود سياسة اقتصادية اجتماعية شاملة تعالج القضايا القديمة او المستجدة بالحد الأدنى من الانعكاسات الضريبية على الأفراد والمؤسسات.
فعندما أحيلت «السلسلة» من الحكومة إلى مجلس النواب قدرت أرقامها بحوالى 1960 مليار ليرة، ثم ما لبثت كلفتها أن زيدت خلال مناقشتها في اللجان النيابية ولجنة المال بحوالى 500 مليار ليرة، ومن دون تحديد التقديرات الواقعية لمصادر التمويل.
وعلمت «السفير» من مصادر وزارية ونيابية كانت لها مساهمتها في دراسة وبحث تفاصيل «السلسلة»، أن كل المراجعات مع المسؤولين عن السياسة النقدية والمالية ومن بينهم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، كانت تتركز على التأكد من صحة تقدير الإيرادات التي تموّل «السلسلة»، لأنه في حال عدم كفايتها ستترتب عليها مخاطر تضخمية، وانعكاسات سلبية على المالية العامة المتردية أصلاً، لاسيما على نمو عجز الموازنة العامة، وبالتالي نمو المديونية العامة التي بلغت رقماً قياسياً في الزيادة خلال العام 2013 من حيث نموها بحوالى 10.3 في المئة نتيجة ارتفاع النفقات وتراجع إيرادات الدولة حوالى 4 في المئة عن العام 2012.
في هذا الوقت، تزداد الضغوط على الدولة من قبل المؤسسات الدولية لجهة تحميلها مسؤولية نمو العجز وزيادة النفقات، وبالتالي تخفيض تصنيف لبنان وزيادة مخاطره الائتمانية وزيادة صعوبات تمويل العجز، بعد تقدير كلفة الرواتب والأجور بحوالي 7500 مليار ليرة في حال إقرار «السلسلة» بمعزل عن تفاوت أصحاب الحقوق في الزيادة في مختلف الأسلاك. وبحسب مصادر معنية، فإن «صندوق النقد الدولي ينتظر من الحكومة السيطرة على العجز، واتخاذ التدابير لتقليصه».
كذلك الأمر بالنسبة الى «تريث» بعض القيادات السياسية، التي ترى أن «السلسلة» وضعت على أساس شمولها حوالى 170 ألف موظف في القطاع العام، بينما الرقم الفعلي يتخطى 200 ألف عامل وموظف، بينهم حوالي 95 ألفاً عدد القوى العسكرية.
ولا بد من لفت الانتباه الى ان تجزئة تطبيق «السلسلة» كان أمراً أساسياً، وذلك لكي لا تترتب عليها مفاعيل نقدية تؤدي إلى مزيد من التضخم، وبالتالي زيادة العجز في ميزان المدفوعات على اعتبار أن ضخ السيولة مرة واحدة، يذهب نحو الاستهلاك، ويزيد وتيرة الاستيراد الذي يرفع عجز الميزان التجاري ناهيك عن عجز الخزينة.
ولعل الحقيقة الثابتة في هذا السياق، هي أن الضغوط المالية التي تزداد على الدولة والخزينة، تأتي مترافقة مع تفاقم الأزمة المعيشية والتحرك المطلبي لموظفي ومتعاقدي القطاع العام والإدارة العامة. وفي ظل هذا الجو، قد لا يجد الموظفون الدائمون للدولة أنفسهم امام معركة «السلسلة» فحسب (بعد معركة المياومين والأجراء في مؤسسة الكهرباء)، بل هناك من يخشى اندلاع سلسلة من المعارك الحياتية، ومن بينها واهمها سلسلة الرتب والرواتب.

الصعوبات والتناقضات

وانطلاقاً من صعوبة التوصل إلى موازنة متقشفة، وتقليص العجز من دون تحديد مصادر جديدة لتمويل النفقات المستجدة، ولا سيما «العجوزات المتزايدة» وتحديداً على صعيد قطاع الخدمات، بدءًا من الكهرباء إلى الخدمات الاجتماعية الصحية، تبقى مصادر التمويل، وضبط تطبيق القوانين والأنظمة في القطاع العام، أبرز نقاط الخلاف المستمرة في انعكاسات «السلسلة» على الوضع المالي ونمو العجز في الموازنة، مهما كانت مصادر التمويل. وهناك العديد من النقاط والمواضيع الخلافية القديمة والمستجدة التي يمكن التوقف عند عناوينها:
اولاً، أصعب ما يواجه مناقشة «السلسلة» في مجلس النواب، يكمن في تقدير الكلفة على الخزينة وطريقة دفعها وتقسيطها، مع عودة «الهيئات الاقتصادية» إلى التحرك الرافض لإقرارها، نظراً لتردي وضع المالية العامة من جهة، وتردي الأوضاع الاقتصادية المنعكسة على القطاعات، وانعدام القدرة على النمو وتحمّل زيادة الأعباء عن طريق الرسوم والضرائب الجديدة.
ثانياً، غياب الموازنة العامة ووضع المالية العامة المتردي، ونمو عجز الخزينة والموازنة إلى حوالى 6150 مليار ليرة في موازنة العام 2013، وكذلك غياب التقديرات في موازنة العام 2014 التي يسعى وزير المال علي حسن خليل إلى تقليص عجزها، مع تراجع الاستثمارات بشكل كبير بفعل الظروف السياسية والأمنية في البلاد وما ترتب على ذلك من سلبيات على حجم الإيرادات والنمو الاقتصادي.
ثالثاً، عدم دقة تقدير إيرادات الدولة التي تراجعت 4.2 في المئة، وارتفاع المديونية. وانعكاس إقرار «السلسلة» على العاملين في القطاع الخاص نتيجة الفروقات التي ستخلقها، وتجعل موظفي القطاع العام يتقاضون أكثر من مستخدمي القطاع الخاص. مع الإشارة إلى أن الدين العام وصل اليوم الى حوالي 64 مليار دولار بزيادة حوالى 10.2 في المئة خلال العام 2013.
رابعاً، الاختلاف في أنظمة التقاعد القائمة والتي تنمو بشكل كبير، وارتفاع كلفة الرواتب والأجور، وهي تحمل تفاوتاً كبيراً في القطاع العام نفسه بين المعلمين والموظفين من المدنيين والعسكريين، إضافة إلى التفاوت في الأنظمة الاجتماعية ونهاية الخدمة وأنظمة التقاعد وتعويضات الصرف بين القطاعين العام والخاص.


«هيئة التنسيق»: المساواة في الزيادة

في هذا الوقت، تبدي «هيئة التنسيق النقابية» خشيتها من إقرار مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب في اللجان النيابية المشتركة اليوم، من دون الأخذ بعين الاعتبار مطالبها بإعطاء نسبة غلاء معيشة للجميع بنسبة 121 في المئة، أسوة بالقضاة وأساتذة الجامعة اللبنانية، ومن دون أي تمييز.
وسيلتقي وفد من الهيئة اليوم نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، لطرح رؤيتها في موضوع «السلسلة» والحقوق، على أن يطلب الوفد مشاركة الهيئة في اجتماعات اللجان النيابية المشتركة، في صياغة الأرقام والنصوص القانونية المرتبطة بمشروع السلسلة، على غرار ما يتم التعامل به مع باقي النقابات، وبذلك يكون الجميع على بينة مما يتم البحث فيه، لا أن يتم استبعاد الطرف الأساس من النقاش، وبحث مطالبه بعيداً عنه.
وأعرب رئيس «رابطة اساتذة التعليم الثانوي الرسمي» حنا غريب عن خشيته لـ«السفير» من ضرب حقوق المعلمين والأساتذة في مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب، كما هو مطروح من قبل اللجنة النيابية الفرعية، التي وضعت في تقريرها ثلاثة خيارات كسلة واحدة في «السلسلة»، الأول يتضمن الحقوق، والثاني يتعلق بالإيرادات والثالث بالإصلاحات.
واشار غريب الى أن أي موقف تصعيدي سيعود إلى «هيئة التنسيق» التي ستجتمع عند الخامسة عصر اليوم، لاتخاذ الموقف المناسب في ضوء نتائج اجتماع اللجان النيابية المشتركة، وهي متمسكة بتوصيتها «بتنفيذ كل أشكال التصعيد المشروعة من إضرابات واعتصامات وتظاهرات وصولاً للإضراب العام المفتوح ومقاطعة أعمال الامتحانات الرسمية، إذا لم تقر السلسلة بما يحفظ الحقوق بإعطاء زيادة نسبتها 121 في المئة على الرواتب والأجور وعلى أجر الساعة، مع الحفاظ على الحقوق المكتسبة لكل القطاعات من دون استثناء، ومن دون تجزئة أو تعديل أو تذرع بالتمويل».

 

جريدة السفير

عدنان الحاج
تاريخ المقال: 04-04-2014

الاحتلال يستغلّ صواريخ غزة: تصعيدٌ يراوح حجمَه

إرسال إلى صديق طباعة

حلمي موسى

رغم تصاعد التوتر على حدود قطاع غزة جراء تزايد الاعتداءات الإسرائيلية على القطاع، لا يبدو أن الأمور تسير في طريق التسخين. ومع ذلك، هناك إشارات إسرائيلية إلى وجود سياسة جديدة للرد على أي هجمات صاروخية أو مدفعية من القطاع، ترمي إلى تغيير قواعد اللعبة. وأفصح عن هذه السياسة أمس وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان صراحةً، حينما قال إنه «ليست هناك نية شنّ خطوة عسكرية، ولكن كل إطلاق سيردّ عليه بشدة».
وأوضح ليبرمان أمس، بعد يومين من الغارات والقذائف الإسرائيلية على قطاع غزة، إثر سقوط صاروخ على سديروت أمس الأول وقذيفة هاون على أشكول يوم أمس، أن إسرائيل لا تنوي المبادرة لعمل عسكري في القطاع، ولكن كل إطلاق نار من غزة إلى الأراضي السيادية لدولة إسرائيل سيردّ عليه بشدة كبيرة.
وقال في حفل للضباط والرقباء المتميزين عقد في تل أبيب «نحن قيادة مسؤولة ومتزنة. ولسنا من يبحث عن مغامرات، ولا أحد يدفع نحو تصعيد في مواجهة حماس في قطاع غزة، لكننا عازمون على الدفاع عن أمن مواطني دولة إسرائيل، وفي هذه النقطة لن نُساوم».
وبحسب ليبرمان، فإن «حماس» هي المسيطر بقوة على قطاع غزة، و»أنها عندما تريد تحقيق شيء أو منع شيء، فإنها تعرف كيف تفعل ذلك». وفي نظره، «هذا يسري أيضاً على الخارجين عنهم بشتى صنوفهم، وعليهم أن يبذلوا جهوداً أكبر». وأكد أنه «ليس في نيتنا المبادرة لأي خطوة عسكرية. ولكن بالتوافق مع ذلك، لن نتحمل أي إطلاق للنيران، ولا أي استفزاز ضد مواطني دولة إسرائيل، أو المسّ بسيادة دولة إسرائيل، لا بإطلاق النار ولا بوصول قوافل السفن».
وكانت إسرائيل قد لجأت مؤخراً إلى استهداف مواقع لـ»حماس» في العديد من المناطق رداً على أي صاروخ يُطلق من قطاع غزة نحو المستعمرات الإسرائيلية. وهي في هذا الشأن، لا تميز بين «حماس» وقوى سلفية تعمل ضدها، وتدعي أن على «حماس» أن تضبط الوضع في القطاع، وأن تمنع أي إطلاق للصواريخ حتى لا تتعرض لرد إسرائيلي قاس. وقد أعلن تنظيم سلفي يدعى «أحفاد الصحابة» مسؤوليته عن إطلاق الصاروخ أمس الأول، مبرراً ذلك باعتقال «حماس» لعدد من نشطائه.
ويعتقد المعلّق العسكري لصحيفة «هآرتس»، عاموس هارئيل، أن من سماها المنظمات «العاصية» يمكنها أن تجرّ «حماس» وإسرائيل إلى حرب جديدة. وأشار إلى أن الإطلاقات الأخيرة على سديروت، كما قبل أكثر من شهر، جوبهت بردّ إسرائيلي أشد مما كان في الماضي. وبحسب رأيه، فإن الخطاب السياسي الإسرائيلي موجهٌ ضد سلطة «حماس»، كما أن الغارات وجهت ضد مواقع تابعة لـ»حماس» من دون تحديد طبيعة هذه الأهداف.
وأوضح أنه في المرة الماضية، كان الردُّ شديداً لتزاوج عاملين: حاجة وزير الدفاع الجديد ليبرمان، لإظهار عزمه في مواجهة «حماس» في ظل تهديدات قادتها، واستغلال فرصة عملياتية ظهرت للجيش. وتبعاً لذلك، هوجمت أهداف كثيرة في وقت واحد. ورغم تهديدات «حماس» بالرد فإنها لم تفعل، وربما أن هذا ما سيحدث الآن بما أنه لم تقع إصابات في صفوف المدنيين الفلسطينيين.
ولاحظ معلقون إسرائيليون أن استمرار الصراع بين أجنحة «جهادية» إسلامية في القطاع وعواقب ذلك على إسرائيل، قد تدفع جيش الكيان إلى العودة إلى نظام الاغتيالات.
وفي نظر هؤلاء، فإن كلاً من رئيس حكومة العدوّ بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه، ليبرمان، يقودان خطاً واضحاً ضد «حماس». وطوال الوقت، تصرّ إسرائيل على أن «حماس» هي جهة السيادة في القطاع، وأنها هي من ستوجه لها الضربات إذا أطلقت النار من غزة. ورغم ذلك، تقر القيادة العسكرية الإسرائيلية بأن المواجهة مع «حماس» تتلخص في ثلاث كلمات: تعاظم، ردع وارتداع. وترى إسرائيل أن ردعها لـ»حماس» قائم، والدليل على ذلك هو أن الحركة لم تبادر إلى أي إطلاق نار على غزة منذ الحرب الأخيرة. وترى أن «حماس» تدرك سياسة الردّ الإسرائيلية الأخيرة، ولذلك فإنها قررت ألا تردّ عسكرياً. ومع ذلك، تؤمن إسرائيل بأن ردعها لـ»حماس» مؤقت ومشروط، وفي النهاية غير مضمون.

 7-10-2016

JPAGE_CURRENT_OF_TOTAL