You are here: الصفحة الرئيسة

Harakat Al-Shaab - حركة الشعب -لبنان

قراءة جديدة في أوراق قديمة

إرسال إلى صديق طباعة

نجاح واكيم

لم يعد سراً، ولا أمراً مشكوكاً فيه، سعي الولايات المتحدة الأميركية إلى إقامة حلف إقليمي في المنطقة يضم إسرائيل وتركيا والمملكة السعودية والأردن وقطر والإمارات العربية المتحدة. ويجري الآن العمل على عقد مؤتمر للدول المذكورة، لم يحدد موعده بعد بشكل نهائي، لكنه لن يكون بعيداً. بضعة أشهر فقط لا أكثر.
هذا يذكّرنا بمشروعات الأحلاف التي طرحتها الولايات المتحدة الأميركية في مطلع خمسينيات القرن الماضي.

يروي محمد حسنين هيكل، الذي كان مقرّباً من جمال عبد الناصر، أنه في شهر آذار/ مارس من عام 1953، حطت طائرة جون فوستر دالاس وزير الخارجية الأميركية آنذاك في القاهرة. وعلى سلّم الطائرة، همس السفير الأميركي لدى مصر في أذنه قال: «إن الرجل القوي في النظام الجديد هو شاب اسمه جمال عبد الناصر وليس محمد نجيب». كان قد مضى على قيام الثورة في مصر تسعة أشهر فقط. طلب دالاس من سفيره أن يرتب له لقاء مع الشاب القوي. وإلى مائدة عشاء اجتمع أربعة: جون فوستر دالاس والسفير الأميركي وجمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر، وعرض دالاس فكرة إقامة حلف في الشرق الأوسط يرتكز على عواصم ثلاث: «أنقرة أكثر العواصم الإسلامية تقدماً، وكراتشي أكبر العواصم الإسلامية من حيث السكان، والقاهرة أكثر العواصم الإسلامية عراقة».
كان دالاس يخطط لاستكمال سلسلة الأحلاف لتطويق الاتحاد السوفياتي بها. وكان أيضاً يسعى إلى إدماج إسرائيل في المنطقة تحت علم الحلف المزمع إنشاؤه.
سأله عبد الناصر: ولكن لماذا هذا الحلف، ولمواجهة أي خطر؟
أجاب دالاس: الخطر الشيوعي.
رد عبد الناصر: كيف تريدني أن أرى خطراً مزعوماً على مسافة أربعة آلاف كيلومتر، ولا أرى خطراً حقيقياً على مسافة مئة كيلومتر؟
فشل دالاس في مصر جعله يستبدل بغداد بالقاهرة، وقام حلف بغداد أو «السانتو».
بعد ذلك بشهرين أو ثلاثة، قدمت إلى المنطقة بعثة أميركية جديدة اشتهرت باسم «بعثة جونستون»، كانت تحمل معها مشروعات للتنمية الاقتصادية بين إسرائيل والدول العربية. وطوال سنتين، ظلت البعثة تقوم بجولات مكوكية ما بين القاهرة وتل أبيب وعمان وبيروت. ومن ضمن ما طرحته آنذاك إقامة طريق بري يربط ما بين مصر والأردن فوق صحراء النقب. ثم عادت «بعثة جونستون» خائبة لأن جمال عبد الناصر رفض عروضها المغرية.
في عام 1958، على أثر ثورة العراق التي أطاحت النظام الملكي والرجل القوي في ذلك النظام نوري السعيد، سقط حلف بغداد. مؤسس دولة «إسرائيل» ديفيد بن غوريون بعث إلى الرئيس الأميركي دوايت ايزنهاور رسالة قال فيها: «إنه لمن الخطأ الفادح أن تفكر الولايات المتحدة بإقامة حلف في الشرق الأوسط يرتكز على أي عاصمة عربية. إن نظام الشرق الأوسط، لكي يحظى بالاستقرار وبالولاء للغرب، يجب أن يرتكز على عواصم ثلاث، أنقرة وتل أبيب وأديس بابا».

الشيعة بدل الشيوعية

في السنوات الماضية، ظهرت إلى العلن اللقاءات الكثيرة بين مسؤولين كبار في الدولة الصهيونية وأقرانهم في دول «الاعتدال العربي»، ومنها الأردن والسعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة والبحرين، وما تسرب عن تلك اللقاءات يشي بقرب إعلان حلف الشرق الأوسط الجديد. وإذا كانت عواصم «الصمت» لا تتحدث كثيراً عن مضمون تلك اللقاءات، بل تكتفي بالتهويل والتخويف من «الخطر الشيعي»، فإن قادة العدو يجاهرون بالكثير مما دار في تلك اللقاءات. وأهم ما أفصح عنه هؤلاء، الآتي:
ــ إن علاقات تحالف استراتيجي باتت قائمة بين إسرائيل والأنظمة العربية المعتدلة، وخصوصاً السعودية ودول الخليج العربي.
ــ إن مقولة حل القضية الفلسطينية هو المدخل إلى «السلام» بين إسرائيل والدول العربية قد سقطت. أما المعادلة الصحيحة فهي أن «السلام» بين إسرائيل والدول العربية هو المدخل إلى حل القضية الفلسطينية. ولسنا بحاجة إلى التذكير بأن حل القضية الفلسطينية بالمفهوم الإسرائيلي هو تصفية القضية.
ــ أهداف التعاون أو التحالف بين إسرائيل والدول العربية «المعتدلة» هو التصدي للإرهاب الذي ترعاه إيران. أما المنظمات الإرهابية، بحسب التصنيف الإسرائيلي والعربي «المعتدل»، فهي حزب الله ومنظمات المقاومة في فلسطين.
إذاً، فإن الخطر الجديد الذي يبرر قيام هذا الحلف هو «الخطر الشيعي» عوضاً عن الخطر الشيوعي، ومحاصرة نظام ولاية الفقيه في طهران بدلاً من نظام البلاشفة في موسكو. وعلى غرار «بعثة جونستون» في خمسينيات القرن الماضي التي كانت تطرح مشروعات «للتنمية» المشتركة بين إسرائيل والدول العربية، تطرح اليوم مشروعات مماثلة، من أبرزها إنشاء سكة حديد: من حيفا، إلى إربد، إلى الرياض، إلى الخليج العربي.
تبقى مسألة واحدة لا يجوز إغفالها، وهي موقع إثيوبيا في خريطة هذا الحلف أو في خريطة «الشرق الأوسط الجديد».
من يتابع الفضائيات النفطية، وخصوصاً قناة «الجزيرة» القطرية، يلاحظ مدى الاهتمام الخليجي بسد «النهضة» الإثيوبي.
مشروع السد هذا قديم، يعود إلى خمسينيات القرن الماضي. وهو فكرة أميركية ــ إسرائيلية. الغاية منه محاصرة مصر وتهديد أمنها القومي. ألا يجيب هذا عن سؤال طرحه الأغبياء أحياناً وطرحه الخبثاء دائماً: «لماذا ذهب عبد الناصر إلى اليمن؟».
في الحقيقة، فإن كل كيس إسمنت يرسل إلى إثيوبيا لبناء سد النهضة مصدره المملكة العربية السعودية، وإن تمويل بناء هذا السد تتكفل به السعودية وقطر ودولة الإمارات العربية المتحدة. لماذا، وما هي الفائدة التي تجنيها هذه الدول من هذا السد؟ لنتذكر مرة أخرى رسالة بن غوريون إلى ايزنهاور التي أشرنا إليها سابقاً.

تدمير سوريا

إن ما تقدم يلقي الضوء على أحداث بدت مفاجئة، وقعت في الآونة الأخيرة، وعلى أحداث يجري التخطيط لها سوف تبدو أيضاً مفاجئة.
فجر يوم الجمعة في السابع من الشهر الجاري، شنت الولايات المتحدة عدواناً بصواريخ توماهوك على مطار الشعيرات السوري. وقد مهدت الولايات المتحدة لضربتها هذه بمزاعم ركيكة الحبك عن استعمال الجيش السوري للغازات السامة في خان شيخون. فلماذا شنت البحرية الأميركية هذه الغارة «المفاجئة»، والتي جاءت متناقضة مع تصريحات دونالد ترامب إبان حملته الانتخابية بشأن سوريا؟ ثم، وعلى أثر الغارة تلك، عاد المسؤولون في الإدارة الأميركية الجديدة إلى ما كانت تردده الإدارة السابقة قبل أربع سنوات، وهو أنه لا مستقبل للأسد في أي حل سياسي للأزمة السورية.
تعرف الولايات المتحدة جيداً أنه لا يمكنها إعادة عقارب الساعة إلى الوراء في سوريا، لكنها تعمل على منع عقارب الساعة من التقدم إلى الأمام. هي تعمل على عرقلة الحل السياسي الذي ترتسم معالمه في الميدان، وعلى إشعال المزيد من الحرائق في سوريا. كل ذلك من أجل إشغال سوريا وحلفائها في الفترة التي تحتاج إليها لتظهير حلف الشرق الأوسط الجديد وإبرازه إلى العلن، وتعطيل قدرتها على عرقلة هذا المشروع.

... وجنون في لبنان

أما الأحداث «المفاجئة» التي يخطط لها العقل الأميركي ــ الصهيوني فهي ليست بعيدة عنا. ويبدو أن لبنان هو المكان الذي تم اختياره ليكون ميداناً لهذه الأحداث.
في 12 نيسان الجاري، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بكل أشكال الاستفزازات الطائفية، وبالدعوات للنزول إلى الشارع وقطع الطرقات. وبدا المناخ العام عشية 13 نيسان 2017 بالغ الاحتقان وينذر بشر مستطير، ما أعاد إلى ذاكرتنا ذلك المناخ الذي خيم على لبنان عشية 13 نيسان 1975.
الشعارات ذاتها. و«حقوق الطائفة» التي هب أصحابها لانتزاعها «مهما كان الثمن» هي مرة أخرى «الحقوق» عينها التي رفعها أولئك الذين أشعلوا الحرب الأهلية في عام 1975. والوعود التي أسرّ بها الأميركي لأصحاب الرؤوس الحامية والعصبيات المريضة آنذاك لم تعرف إلا بعد سنوات من الحرب والدمار والضحايا والدماء. اليوم، وبعد 42 سنة، لا يزال الأميركي هو هو، ووعوده لم تتغير. لكن المصيبة أن أصحاب الرؤوس الحامية عندنا والعصبيات المريضة لم يتغيروا أيضاً، وإن تغيرت أسماء بعض «الأبطال».
لنتذكر أنه خلف دخان الحرب اللبنانية جرى ترتيب عملية «السلام» المصرية ــ الإسرائيلية. ولا تزال الولايات المتحدة الأميركية شغوفة بـ«السلام»... بهذا النوع من السلام.
ولا يزال الوضع العام في لبنان خطيراً. أخطر بكثير من أن يترك أمره لعصبيات المتعصبين المهووسين، ولعبث الأولاد المدلوعين الذين يحبون اللعب على حافة الهاوية.

سياسة
العدد ٣١٥٦ الخميس ٢٠ نيسان ٢٠١٧نشر في جريدة الاخبار

أزمة السكن تتحول إلى «كارثة وطنية»

إرسال إلى صديق طباعة

قانون الإيجارات لم ينصف المستأجرين وصغار المالكين

c773f4f4-3dce-4f54-82a5-da97d4cff01b.gifقانون الايجارات الذي اقرته الهيئة النيابية العامة، في مادة وحيدة، لم ينصف المستأجر، ولم يقدم الانصاف الى المالكين القدامى. بالنسبة للفئة الأولى سيؤدي القانون المذكور الى تهجيرها وتشريد ذوي الدخلين المحدود والمتوسط، كما انه لم ينصف المالكين القدامى، الذين جرى استغلال حقوقهم والغبن اللاحق بهم، بفعل التضخم الناتج عن المضاربات العقارية والمالية. اي انه اصاب القدامى من المستأجرين، واصحاب العقارات القديمة في مناطق شعبية عديدة، وقد آلت ملكيتها الى مجموعة من الورثة.
يتضمن القانون عددا من المواد تؤدي الى حالات تهجير قسري او تشريد، من اماكن العمل، اما الى الهجرة القسرية الى الخارج، او العودة الى قراهم، التي لم تنعم بالإنماء المتوازن الموعود، بسبب العجز عن دفع الزيادات التي ستطرأ على الايجارات خلال ست سنوات متتالية، ومن ثم تحرر عقود ايجاراتهم.
جاء في المادة 20 من القانون ما يأتي: «يحدد بدل المثل على اساس نسبة (5%) خمسة بالمئة من القيمة البيعية للمأجور في حالاته القائمة في ما لو كان خاليا. وتسري هذه الزيادة بعد ستة اشهر من تاريخ نشر القانون في الجريدة الرسمية».

زيادات خيالية!

الفارق بين البدل الحالي وبدل المثل هو الزيادة التي تلحظ الحق على بدلات الايجارات الحالية. هذه الزيادة موزعة على 6 سنوات وفق نسبة 15 في المئة كل عام من الاربع سنوات الاولى وتراكميا، و20 في المئة على كل واحد من العامين الخامس والسادس. وبعملية حسابية تكون اعباء النتيجة في الفارق بين بدلين: الحالي وبدل المثل، فيما لو كان البدل الحالي 200 دولار، مثلا، وبدل المثل 3000 دولار، كما يأتي: 3000 ناقص 200 يساوي 2800 دولار، قيمة الـ 15 في المئة منها البالغة 420 دولارا، تضاف الى 200 دولار للبدل الحالي في السنة الاولى ، فيصبح بدل الايجار الحالي 620 دولاراً. وفي السنة الثانية تضاف 15 في المئة على الـ 620 دولارا ليصبح البدل 620 زائدا 420 ليصبح 1040 دولاراً، وهكذا دوليك حتى بداية السنة الربعة. اما في السنة الخامسة فيصبح البدل 2440 دولارا مضافة اليه نسبة 20 في المئة، وفي الخامسة تضاف اليه نسبة الـ 20 في المئة ليصبح بدل المثل 3000 دولار. وتتغير هذه الارقام صعودا اذا ارتفع ثمن مبيع العقارات، وقد يلجأ بعض تجار الابنية الى رفع الاسعار من اجل تحقيق الارباح على حساب الفئات المعدمة. إذ ان ثمن الشقق لم يرتفع مرة، ثم يعود الى التراجع. بعد السنوات الستة الواردة اعلاه، يمكن تمديد ثلاث سنوات للمستأجر، اذا رغب وطلب ذلك، على قاعدة بدل المثل، ويصبح العقد حرا.

صندوق المساعدات

ورد في المادة الثالثة انشاء صندوق خاص للإيجارات السكنية المشمولة بأحكام القانون، على ان تكون وارداته من «مساهمات سنوية من الدولة تلحظ في موازنة وزارة المالية لتغطية التزامات الصندوق، ومن الهبات والوصايا بعد موافقة مجلس الوزراء عليها. وتنزل قيمة هذه الهبات والوصايا من المبالغ المتخذة اساساً لتحديد ضريبة الدخل المتوجبة، كما ينزل من المبالغ المتخذة اساساً لتحديد رسوم الانتقال وتعفى من الرسوم المفروضة على الهبات». ويدار من قبل وزارة المالية.
يستفيد من الصندوق المستأجرون ذوو الدخل المحدود والمتوسط، أي اذا كان الدخل اقل من ثلاثة اضعاف الحد الادنى للاجور. اما اذا كان الدخل اقل بـ 30 في المئة، فيساعد الصندوق بحدود هذه النسبة. بينما اذا كان الدخل اقل من مرتين للحد الادنى للاجور، الصندوق يدفع ايضا نسبة الزيادة، على ان يحتسب دخل العائلة بمجموعة مداخيل العائلة.
تنتهي مدة الاستفادة من الصندوق بانتهاء السنوات التسع التي يحددها القانون. واذا اراد المستأجر إخلاء المأجور وهو من الفئات المذكورة آنفاً، يستطيع طلب المبالغ المحددة من الصندوق الى حين انتهاء المهلة، وله الحق بأن يطلب تحويل المبلغ الى اقساط عن سكن آخر، او بدل ايجار آخر.
اما بالنسبة الى المالك، خلال التسع سنوات، فله ان يطلب الاسترداد لسببين:
ــ عائلي مقابل تعويض يوازي ست مرات بدل المثل.
ــ اما اذا كان طلب الاسترداد بهدف الهدم فيدفع تعويضا اربع سنوات بدل المثل، وهذا التعويض تحدد نسبة الاستفادة منه استنادا الى تاريخ طلب الاخلاء وتحتسب نسبة واحد على تسعة من كل سنة.
في ما خص المستأجر إذا كان من ذوي المداخيل المحدودة بأقل من ثلاث مرات الحد الادنى، ورغب بالاخلاء، فلا يدفع له المالك، بل يستفيد من مساعدة الصندوق فقط عن المدة المتبقية من التسع سنوات.

المستفيدون والمتضررون من القانون

يستفيد من قانون الايجارات كبار المالكين باستعادة املاكهم، والشركات العقارية التي تستهدف عقارات بيروت وضواحيها، المصارف التي تملك كتلة نقدية ضخمة تفتش عن استثمارات لها.
اما المتضررون من القانون، ويمكن تسميتهم ضحايا، فهم كل اصحاب المداخيل المتدنية والمتوسطة، من خلال تفريغ بيروت. والأبنية القديمة والصغيرة التي ستوضع عليها اليد، لإقامة الابراج. والعيش المشترك، او الوحدة عن طريق الفرز الطائفي والمذهبي والمناطقي والطبقي. وتسهيل هدم الابنية التراثية وتدمير ذاكرة بيروت. وبالتالي فإن القانون سيفرض تغييرات جذرية قسراً على حياة جميع عائلات المستأجرين في السكن والعمل والعلاقات والعادات، واجبارهم على اعادة تأسيس اوضاعهم من جديد في ظروف غير ملائمة من حيث السن.
في المحصلة ان القانون هو مشروع تهجيري، ويشكل فضيحة في ابتداع حل ازمة سكن عبر خلق ازمة اشد، انسانية واجتماعية، بل ديموغرافية. وكانت «لجنة المتابعة للمؤتمر الوطني للمستأجرين» رفعت كتابا الى رئيس مجلس النواب نبيه بري، وصفت القانون بأنه «مشروع كارثة وطنية وانسانية»، لأنه يطال حوالي 180 الف عائلة، أي ما يقارب 800 الف موطن.

جريدة السفير

عدنان حمدان

مرجع عسكري: الحدود الشرقية تحت السيطرة الكاملة

إرسال إلى صديق طباعة

يغادر قائد الجيش العماد جان قهوجي الى الولايات المتحدة منتصف هذا الشهر، للمشاركة في الاجتماع الدوري لقادة جيوش البلدان المنخرطة في التحالف الدولي ضد «داعش». ويعنى الاجتماع بوضع خطط المرحلة المقبلة من المواجهة

نقولا ناصيف

مع انه ليس عضواً في التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش» الذي تقوده الولايات المتحدة، ويضم معظم دول العالم المؤثرة والمعنية بمن فيها الدول العربية باستثناء سوريا واليمن، الا ان لبنان احدى الدول الرئيسية في الصدام المباشر مع التنظيم الارهابي عند حدوده الشرقية.

وهو ما يُكسبه مبرر حضور اجتماع التحالف وهو الخامس بعد سلسلة سبقته في الولايات المتحدة والسعودية وقطر والكويت، ومشاركته في توصياته، انطلاقاً من اعتقاد واشنطن ودول التحالف ــــ يقول مرجع عسكري ـــ بحتمية تضافر الجهود لمحاربة «داعش»، سواء من خلال البلدان التي تقاتله من دون ان تكون على تماس مباشر معه كالولايات المتحدة وكندا واوروبا، او تلك التي تقاتله على اراضيها كلبنان.
على ان تصاعد وتيرة الاشتباكات بين الجيش والتنظيمات المتطرفة عند الحدود الشرقية في الايام الاخيرة، بالتزامن مع عمليات امنية لمديرية المخابرات في الداخل آخرها اعتقال امير «داعش» عماد ياسين داخل مخيم عين الحلوة في 22 ايلول، تحمل مرجعاً عسكرياً على التأكيد ان المؤسسة العسكرية نجحت الى حد بعيد في الامساك بالمبادرتين العسكرية والامنية. اخراج ياسين من المخيم دونما طلقة رصاص واحدة، في مهمة نفذها عناصر المديرية بلباس مدني انتهت فور العثور عليه باطلاق قنابل دخانية جعلته خلال دقائق خارج المخيم من غير ان يعرف سكان حيّ الطوارىء ما الذي اضحى واين اختفى ياسين. بكثير من التنسيق بين غرفتي عمليات القيادة ومديرية المخابرات تتجمّع المعلومات، تمهيداً لاتخاذ القرار باستثمارها وتنفيذ خطة تحرّك سواء من خلال عناصر المديرية او في نطاق العمليات العسكرية للجيش. في اليومين المنصرمين اعتقل الجيش لبنانيين اثنين ينتميان الى «داعش» يملكان مستودع اسلحة، لم يصر بعد الى الكشف عن عملية توقيفهما في انتظار استكمال التحقيقات.
بيد ان ارتياح المرجع العسكري لا يقلل من مخاوف تفاقم الاعمال العسكرية في سوريا اخيراً، وان في حلب البعيدة من الحدود الشرقية والشمالية للبنان. الا ان معطيات الايام الاخيرة تحمله على مراقبة تطورات ما يجري هناك، ومحاولة فتح جبهة في حماه لتخفيف ضغوط الجيش السوري وحلفائه بعد احرازه اكثر من تقدم في حلب. ومن ثم سعي التنظيمات الارهابية الى ثغر عسكرية جديدة في حماه تعيدها مجدداً الى حمص، على بعد بضعة كيلومترات من الحدود الشمالية مع لبنان. وهو في رأيه مبعث اهتمام الجيش وقلقه في الوقت نفسه، مع ان لا احداث مستجدة على الارض في الاماكن المحتملة للثغر تلك، بعدما ارسل الجيش السوري تعزيزات الى حماه لمنع سقوطها.

"اعتقال لبنانيين في «داعش» لم يُكشف عنهما يملكان مستودع اسلحة"

ورغم ان اشتباكات الايام القليلة المنصرمة عند الحدود الشرقية دارت بين «داعش» و«جبهة النصرة» للسيطرة على مراكز، الا ان تحرشهما بالجيش انحسر الى حدّ بعيد في الآونة الاخيرة، بعدما ادى تعزيز عتاده وتسليحه بقدرات جديدة لم تكن متوافرة لديه، الى تجميد اي محاولة للاعتداء عليه، ما اتاح له تنفيذ عمليات استباقية عدة.
يضيف المرجع العسكري: «اكثر من اي وقت مضى، باتت للجيش عيون في المواجهة مع داعش بفضل دفعات المساعدات العسكرية الاخيرة، من بينها طائرات بلا طيار متطورة. صار في الامكان استكشاف الحدود الشرقية كلها بلا استثناء ليلاً ونهاراً، ما لم يكن متوفراً قبلاً، ولم يسبق ان امتلك الجيش هذا الطراز من الاسلحة. ان نعرف تماماً ماذا يجري امامنا على مسافات بعيدة وسبل الوصول الى الاهداف. تتفادى طائراتنا الوصول الى داخل الاراضي السورية، الا انها بدأت تحكم سيطرة المراقبة الكاملة والدقيقة على طول الحدود. قبل قرابة ثلاثة اشهر حصلنا على دفعة من الطائرات والاسلحة المتطورة. بعضها يمكّننا من ان نشاهد ما تصوره الطائرة في غرفة عمليات الجيش مباشرة دونما انتظار عودتها. على صعيد المدفعية اضحت تغطي كل الحدود الشرقية. اضف استمرار تنفيذ برامج تزويدنا الصواريخ والذخائر. نهاية السنة ننتظر تزويدنا ست طائرات سوبر توكانو من صنع اميركي، قاذفة الصواريخ في قتال الجبال تنضم الى طائرات سيسنا الموجودة لدينا للمهمة نفسها. مساعدات في معظمها اميركية تقدم هبات الى الجيش، ناهيك بمساعدات عسكرية بريطانية وفرنسية وايطالية قليلة، الا ان العامود الفقري للمساعدات التي نتلقاها اميركي».
يعزو المرجع العسكري مبررات المساعدات العسكرية للبنان الى التقييم الايجابي الذي يظهره الغرب حيال اداء الجيش اللبناني في المواجهة مع «داعش»، ما يعكس مفارقة مثيرة للانتباه هي ان الغرب «مقدار لامبالاته بالمشكلات السياسية التي يتخبط فيها لبنان عبر الشغور الرئاسي وازماته السياسية، لا يتردد في ابداء حرصه على الاستقرار والحؤول دون اي اضطرابات». وهو ما سمعه قائد الجيش اكثر من مرة ابان مشاركته في اجتماعات عسكرية في الولايات المتحدة، بالتركيز على اهمية ضبط الامن في لبنان.
في الاجتماعات الاخيرة له في واشنطن في شباط الفائت، لدى مقابلته مسؤولين في الكونغرس ووزارتي الدفاع والخارجية في موضوع برامج تسليح الجيش، سمع عبارات مماثلة: عندما تأكدنا من ان الجيش نجح في الصمود في مواجهة الارهاب، بات من الضروري الرهان عليه والاستثمار فيه.
قال احد المسؤولين في وزارة الخارجية لقهوجي في الزيارة تلك: سنظل نساعد الجيش اللبناني ما دام صامداً وواقفاً على قدميه في جبه الارهاب، وهو مصدر استثمارنا.
تحدّث المسؤول نفسه ايضاً عن تراجع في مساعدات عسكرية اميركية لجيوش في دول لم يسعها الدفاع عن حدودها ومواجهة الارهاب.
في السياق ذاته يشير المرجع العسكري الى مشاركة لبنان في مؤتمر التحالف الدولي ضد «داعش» والتنظيمات الارهابية ومنها «جبهة النصرة»، للاطلاع على خطط مواجهتها في المرحلة المقبلة وتقييم تطورات الاشهر المنصرمة منذ الاجتماع الاخير للتحالف «انطلاقاً من النظرة الدولية المشتركة حيال الارهاب، وهو انه يهدّد اي بقعة في العالم، ولا يقتصر على اماكن انتشاره، ما يجعل الخطر يطاول الدول جميعاً، مع الاخذ في الاعتبار ــــ خلافاً لجبهة النصرة المنتشرة في سوريا فقط ــــ ان داعش تمدّد في العراق وسوريا ووصل الى الحدود اللبنانية، وراح يدق ابواب دول الغرب والشرق على السواء».

سياسة

العدد ٣٠٠٢ الجمعة ٧ تشرين الأول ٢٠١٦

 

عون يجدّد تمسّكه بالنسبية الكاملة

إرسال إلى صديق طباعة

تُستنزف يوماً بعد يوم مهلة الشهر المعطاة للإتفاق على قانون جديد للانتخابات. وبعد سقوط مشروع قانون «التأهيل الطائفي»، كرر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تمسّكه بالنسبية الكاملة، فيما أكد تيار المستقبل أن «صيغة التأهيلي غير مقبولة»

انتهت عُطلة الأعياد، ولم تنتهِ معها ضراوة الخلاف السياسي حيال قانون الانتخابات العتيد. مع كلّ يوم يُشطب من شهر «الفرصة» الأخيرة للاتفاق على قانون، يزداد خطر خروج المأزق عن السيطرة. فخيار الذهاب إلى التمديد، والتهديد بصدام في الشارع، لا يزال مطروحاً بقوة، إذا لم يتم التوصل إلى قانون جديد للانتخابات.

أما الكلام عن إعادة إحياء مشاريع قديمة، فقد حسمه رئيس تكتّل التغيير والإصلاح الوزير جبران باسيل أمس بقوله إنه «لا يُوجد ولا أي صيغة ماشية، لا النسبية ولا المختلط ولا الدائرة الفردية ولا القانون الأرثوذكسي». وبالتالي، فإن الأيام الفاصلة عن تاريخ 15 أيار ستشهد إمّا انفراجاً باتفاق على قانون جديد، وإما... الانفجار!
لم يبقَ أمام الحكومة التي أخذت على عاتقها موضوع قانون الانتخابات سوى وقت قصير، وإلّا إقرار التمديد الثالث لمجلس النوّاب بعدما استخدم رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون ورقته الدستورية. وهذا الخيار من شأنه أن يجدّد الأجواء المتوترة في الشارع، بعد التحذيرات بالإضراب العام الذي كان يُحضّر له، ومن منع النواب من الوصول إلى جلسة التمديد بأي شكل من الأشكال. ويُمكن القول إن الأسبوعين المقبلين هما من أخطر الأسابيع التي تمُر على لبنان منذ سنوات.


أمس، عادت الماكينات السياسية إلى العمل. لا جديد حتى الساعة، باستثناء أن الجميع يسلّمون بسقوط مشروع باسيل ــ 2 المبني على «التأهيل الطائفي» للمرشحين. حتى باسيل نفسه بدا أمس كمن يتبرّأ منه، حين قال إن فكرة المشروع ليست فكرته، بل إنه تبنّاها وطوّرها. لكنّ الآخرين يغلّفون رفضهم المُطلق ببعض الملاحظات على الدوائر والصوت التفضيلي، فيما لم يبلغ الرئيس نبيه برّي العونيين موقفه بعد. وحده النائب وليد جنبلاط رفض وبالصوت العالي مبدأ «التصويت الطائفي»، فيما أبلغ حزب الله باسيل قبوله باقتراحه. أما القوات اللبنانية، فتتمسّك برفض مشروع باسيل، من خلال تقديم ملاحظات تنسفه من أساسه. بدورها، أبلغت مصادر رفيعة المستوى في تيار المستقبل «الأخبار» أن «قضية قانون الانتخابات ليست في ملاحظات على قانون ما، بل في تحديد الصيغة المقبولة، وبعدها تأتي الملاحظات. ولا يبدو أن صيغة التأهيلي مقبولة». وجزمت المصادر بأن المهلة الفاصلة عن 15 أيار ستشهد اتفاقاً على قانون جديد للانتخابات، «لن يكون وفق التأهيلي». ورداً على سؤال، قالت المصادر إن صيغة النسبية في 15 دائرة (المشروع الذي اتفقت عليه الأحزاب المسيحية في بكركي قبل 4 سنوات) مرفوضة من المستقبل، قائلة إن «مشروع النسبية في 6 دوائر قد يكون هو الحل». وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس عون أبلغ وفد حزب الله الذي زاره قبل نحو 10 أيام موافقته على هذه الصيغة (النسبية الكاملة في 6 دوائر). وفي هذا الإطار، علمت «الأخبار» أن عون كرر تمسّكه بخيار النسبية الكاملة. وقد أبلغ موقفه هذا لزواره في الأيام الماضية.
من جهتها، أكدت مصادر سياسية مطّلعة على سير المداولات «أننا ما زلنا ندور في الحلقة المفرغة التي تُطيح الصيغة تلوَ الأخرى»، والدليل على ذلك «عدم دعوة مجلس الوزراء حتى الساعة إلى الانعقاد، مع أن وظيفة الحكومة في هذه المرحلة هي الانكباب على دراسة القانون». وأشارت المصادر إلى أن «كلّ القوى يتلطى بعضها خلف البعض الآخر حتى لا تظهر وكأنها هي المعرقل». أما المشكلة الأكبر، بحسب المصادر، فهي «في عدم التوافق حتى على إقرار الخطوط العامة للقانون الجديد انطلاقاً من صيغة التأهيل، لتشكّل معبراً لأي تمديد محتمل.
وقال باسيل أمس، في كلمة له بعد اجتماع تكتل «التغيير والإصلاح»: «اللبنانيون ينتظرون منا: إما أن ننجز لهم قانون انتخاب، وإما نقول لهم إننا غير متفقين. ليس هناك من أمر أهم من إقرار قانون انتخابي، لا تعيين ولا تشريع ولا مجلس وزراء، لأننا نريد أن ننتهي من التمديد»، فيما عبّرت كتلة «المستقبل» النيابية عن رفض مشروع باسيل من دون أن تسميه، مشددة على «تجنّب الانزلاق نحو طروح وصيَغ تُعيد البلاد الى الوراء، وتزيد من حدة الاحتقان وتدعو إلى الفصل والانقسام الطائفي والمذهبي البغيض الذي يدمّر لبنان». أما النائب غازي العريضي فلفت، بعد لقائه الرئيس برّي، إلى أن «أخطر ما يُمكن أن نواجهه هو مغامرات مبنية على رهانات أو أوهام أو تمنيات تضعنا في وجه بعضنا البعض، وهذا أمر سبق أن كلف لبنان الكثير، ويبدو أن ثمّة من لا يريد أن يتعلّم من تجارب الماضي».

 

سياسة
العدد ٣١٥٥ الاربعاء ١٩ نيسان ٢٠١٧
جريدة الاخبار

رسائل إيرانية لتركيا: معركة الساحل ستغيّر المعادلات

إرسال إلى صديق طباعة

مسلحون في بلدة مورك في ريف حماه امس الاول (رويترز)قبل أيام عندما بدأت المعارضة السورية معركة الساحل بالهجوم على بلدة كسب الحدودية الإستراتيجية، وما لحق ذلك من إسقاط تركيا لطائرة حربية سورية، كان الجيش السوري قد استعاد للتو مدينة يبرود الاستراتيجية والكثير من المناطق المحيطة بها، ليرسل إلى من يهمهم الأمر رسالة واضحة، بأن المبادرة بالكامل هي بيد دمشق وحلفائها، وأن حالة المعارضة المسلحة، بغض النظر عن انتمائها الفكري أو ارتباطها السياسي والمالي، أصبحت في حال تراجع، وأن المقبل من أيام سيحمل الكثير الكثير من المفاجآت.
لم يكن البناء على النصر الذي حققه النظام و«حزب الله» في يبرود محل خلاف بين الخبراء، فالجميع يعلم الأهمية الاستراتيجية للمنطقة ودورها كنقطة ترانزيت عسكرية ولوجستية لمن يرغب في الدخول إلى سوريا من الحدود اللبنانية. فبعد سقوط القصير، وتطور السيطرة الميدانية للجيش السوري و«حزب الله»، في تلك المنطقة من كيلومترات معدودة بداية نهاية المعركة إلى عشرات الكيلومترات التي تحيط بالحدود اللبنانية، وفي عمق الأراضي السورية أصبحت الحاجة ضرورية للسيطرة على نقاط رئيسية في منطقة القلمون، كيبرود وفليطة ورنكوس، لتصبح الحدود اللبنانية آمنة بشكل نسبي، بحيث لا يدخل منها مقاتلون وعتاد إلى الأراضي السورية، ولا تخرج منها سيارات مفخخة إلى لبنان.
وكان لتقدم النظام في المنطقة المحاذية للحدود اللبنانية، ومجموعة العمليات النوعية في محيط دمشق وريفها، انعكاس عملي على الميدان. هكذا أصبحت العاصمة خارج السؤال، وما كان يعول عليه سابقا لإسقاط النظام عبر هجوم مباغت عليها لم يعد محل طرح، وهكذا أيضا بدأ النظام يفكر بهدوء أكثر في كيفية استعادة المبادرة في الجنوب، وتأمين الحدود الأردنية بالشكل الكامل، وكذلك المنطقة المحاذية للجولان المحتل. أما حلب وبعض الأحياء الباقية مع المعارضة في حمص، والرقة ودير الزور، فكلها كانت مؤجلة إلى مرحلة لاحقة.
فجأة سمع الصوت من الشمال الغربي، من محافظة اللاذقية، المعارضة المسلحة تبدأ معركة الساحل، أو ما أسمته عبر مواقعها بـ«معركة الأنفال». هي معركة في عقر دار النظام، والأهم أنها تستهدف إيجاد منفذ بحري للمعارضة كما تقول مصادرها لـ«السفير».
منذ اللحظة الأولى للهجوم قرأت دمشق ما يحدث على أنه رسالة تركية، لأن هجوما كهذا لا يمكن ان ينجح من دون غطاء وخط إمداد وعمق مساند. لم يطل الأمر حتى قطع الشك باليقين عندما أسقطت الدفاعات الجوية التركية طائرة حربية سورية. هنا كان لا بد من مشاورة الحلفاء وتقييم الوضع على الأرض. الوضع على الأرض كان يشي بتقدم للكتائب المعارضة، لكنه حتى لحظة كتابة هذه السطور لم يكن ينطبق على هذا التقدم صفة الاستراتيجي، فسقوط رأس البسيط وحده الذي سيجعل الأمر خطيرا وخطيرا جدا، ومن هنا بدأ الحراك الإقليمي.
قبل أيام قليلة فقط اتصلت جهات إيرانية بالجار التركي للتباحث في ما يحدث على جبهة الساحل. قبل التواصل خرج نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والإفريقية حسين أمير عبد اللهيان، معلقا على إسقاط الطائرة السورية على يد الأتراك، بدعوة الطرفين إلى ضبط النفس وعدم توتير الأجواء.
كان التصريح مفاجئا في سوريا، خاصة ان المسؤول الإيراني أضاف أن «الحل العسكري لن يجدي نفعا في حل الأزمة السورية وأن طهران وأنقرة مستمرتان بالتباحث الجاد للعمل على حل الأزمة السورية، ومتفقتان على مواجهة أنواع الإرهاب كافة في سوريا، وتدعمان أي مساع جادة من أجل التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية».
هدف التصريح الإيراني حينها لامتصاص الأزمة والتركيز على القنوات السياسية والديبلوماسية والمشتركات في الأزمة. بل إن هناك في طهران من قرأ الأمر بداية على أن الحركة التركية كانت في إطار الاستثمار الإنتخابي، ولا تداعيات حقيقية لها، لكن حسن الظن ما لبث أن تحول إلى قلق وعلامات تعجب واستفهام مع تطور الوضع على الأرض.
تقول مصادر «السفير» إن الإيرانيين استوضحوا الأتراك حول تحريك الجبهة، حاملين رسائل واضحة من طهران إلى أنقرة. الأسئلة تمحورت حول ما إذا كان الهدف داخليا، أم تحريك مسار الحل السياسي ودفع الرئيس السوري بشار الأسد لتقديم تنازلات على طاولة المفاوضات، أو تغيير المعادلات على الأرض. لم ينتظر الإيرانيون كثيرا الإجابة، ونقلوا إلى حليفهم التركي رسالة واضحة مفادها، انه إذا كان الهدف سياسيا فطهران تستطيع نقل الرسائل مباشرة من فم التركي إلى إذن السوري، ولا حاجة لرفع منسوب التوتير وإراقة المزيد من الدماء، أما إذا كان الهدف من معركة الساحل تغيير المعادلات الميدانية، فذلك سيعني حكما تغييرا للمعادلات في كل مناطق سوريا، وعندها ستكون الأولوية لمناطق نزاع غير تلك التي تضعها دمشق على رأس أولوياتها، ولتكن عندها معركة الساحل، لكن فليكن معها معارك حسم في حلب، وما تبقى من حمص، واللائحة طويلة.

علي هاشم

جريدة السفير - 01/04/2014

JPAGE_CURRENT_OF_TOTAL