You are here: الصفحة الرئيسة

Harakat Al-Shaab - حركة الشعب -لبنان

رسالة «رؤساء السفارة»: فكرة السنيورة بإيعاز أميركي ومباركة سعودية

إرسال إلى صديق طباعة

بايعاز أميركي ومباركة سعودية، كُتبت رسالة «الرؤساء الخمسة» المعادية للمقاومة ووُجّهت الى القمة العربية. من هو صاحب «الفكرة» وكيف خُطط لها؟

ميسم رزق

سبقت رسالة «الرؤساء الخمسة» الرئيس ميشال عون إلى قمة البحر الميت العربية. لم يكن توقيع الرؤساء أمين الجميل وميشال سليمان وفؤاد السنيورة على ما ورد فيها مفاجئاً، فبين الثلاثة وبين المقاومة ــــ أي مقاومة ــــ عداء مستحكم. لكن المفاجأة كانت في «سقطة» الرئيسين نجيب ميقاتي وتمام سلام. فمن الذي حفر الحفرة، ومن الذي خطط للقاء ورتّب له وهندس بيانه من الألف إلى الياء؟

في أي تشويش على المقاومة وسلاحها، فتش عن السنيورة. فالرجل هو «الخبير» في صناعة الأزمات الوطنية وافتعال المشاكل وشقّ الصف، حتى داخل البيت الواحد. فعل ذلك سابقاً داخل حكومته، وداخل 14 آذار، وحتى داخل تيار المستقبل مستغلاً غياب الرئيس سعد الحريري. ووفق المعلومات، فإن الفكرة اختمرت في رأس رئيس الحكومة الأسبق، بإيعاز أميركي، وبمباركة سعودية. وبالطبع، لم يجد في بحثه عن شريك أساسي أفضل من الرئيس ميشال سليمان. فـ»صاحب إعلان بعبدا» اصطف، منذ زمن طويل، في صف العداء للمقاومة، ولن ينسى لها وقوفها بحزم أمام تمديد كان يلهث وراءه. كان إقناع السنيورة لسليمان أسهل من «شربة مي»: التقى الاثنان واتفقا على الأسماء التي سيدعوها سليمان الى مأدبة غداء في منزله وعلى إلزام الحاضرين بتوقيع كل ورقة من أوراق الرسالة حتى لا يتنصّل أحد من أي بند فيها أو يزعم عدم اطلاعه عليها. وتردد أن الدعوة وجهت أيضاً إلى الرئيس السابق حسين الحسيني، لكنه رفض تلبيتها.
حين وصل المدعوون الى دارة سليمان، كان نص الرسالة جاهزاً. وعلمت «الأخبار» أن تعديلاً بسيطاً أدخل على الفقرة الرابعة التي نصّت على «ضرورة الاهتمام العربي بالتضامن مع لبنان في تحرير أرضه، وفي رفض السلاح غير الشرعي، وضرورة بسط الدولة اللبنانية وأجهزتها العسكرية والأمنية لسلطتها وحدها على كامل التراب اللبناني». إذ إن الصيغة التي وضعها السنيورة نصّت حرفياً على «رفض سلاح حزب الله». لكن ميقاتي وسلام طلبا استبدالها بعبارة «السلاح غير الشرعي».


في اليومين الماضيين، ترددت معلومات عن أن الرئيس الحريري لم يكن بعيداً عن أجواء الرسالة، وأن أولى ثمارها كانت رحلته الى الرياض على طائرة الملك السعودي. غير أن مصادر سياسية بارزة في تيار المستقبل نفت هذه المعلومات، مؤكدة استياء رئيس الحكومة من الرسالة وشعوره بـ«الخديعة»، وخصوصاً أنه استقبل السنيورة وميقاتي وسلام في السرايا قبل أسبوع، «ولم يفاتحه أي منهم بالأمر». وهذا، بحسب المصادر نفسها، ما دفع الحريري الى الرد ببيان «قاسي اللهجة»، مبدياً حرصه على عدم حدوث أي شرخ بينه وبين الرئيس عون خلال القمة. كما أن وصف الوزير نهاد المشنوق الرسالة بأنها «خطيئة وطنية تجاوزت حدود اللياقة والسياسة» كان رسالة لإظهار حجم الاستياء، وخصوصاً من عرّابها رئيس كتلة المُستقبل النيابية.
ما هي المصلحة التي جمعت الرؤساء الخمسة؟
تصف مصادر مستقبلية الرؤساء الخمسة بـ«المأزومين سياسياً»، وبـ«متقاعدين باحثين عن أدوار» رأوا في الرسالة مدخلاً «لاستعادة هذا الدور». وتلفت إلى أن الرئيس تمام سلام «ربما كان يتوقع تعويضاً معنوياً أكبر من الرئيس الحريري. ولا يمكن أن يوصف وجوده في اللقاء سوى بأنه انتقام بمفعول رجعي». فيما السنيورة «يدرك أنه فقد دوره ووهجه. والجميع في التيار يعرف أن رئاسته للكتلة صورية، وأن كل البيانات التي تصدرها يقرّر الرئيس الحريري مضمونها». بحسب المصادر، «السنيورة يغامر بمستقبله، والحريري يراكم سقطاته واحدة تلو الأخرى، ولا بدّ من أن تكون لذلك نتائج انتخابية».
أما ميقاتي، «فالتفسير الوحيد أنه أراد استغلال الرسالة طرابلسياً للمزايدة على اللواء أشرف ريفي، معتبراً أنه بفعلته هذه يسجل هدفاً في مرماه». ولعل حضور ميقاتي وتوقيعه كانا أكثر ما فاجأ حزب الله، وخصوصاً أن له موعداً أسبوعياً مع الحاج حسين الخليل المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله. وفي معلومات «الأخبار» أن الحزب «أخذ قراراً بمقاطعته».
وفيما أقصى طموح سليمان القول إنه «لا يزال موجوداً»، فإن الرئيس الجميل «أكل الحصرم»، وقد يكون على نجله سامي الجميل أن يتهيأ لأن «يضرس» انتخابياً!

 

يمكنكم متابعة الكاتب عبر تويتر | MayssamRizk@
سياسة
العدد ٣١٤١ الجمعة ٣١ آذار ٢٠١٧
جريدة الاخبار

الجنرال أمام المتراس الأخير

إرسال إلى صديق طباعة

سقط الجدار الحريريّ الشاهق ولم يبق للجمهورية الثانية أو ترويكا بري ــ السنيورة ــ جنبلاط وملحقاتهم غير متراس وحيد يحتمون خلفه، علّ وعسى ينجحون في إيقاف عجلة التاريخ

غسان سعود

 حين سحقت دبابات الطائف العماد ميشال عون أرسي نظام سياسيّ ــ مصرفيّ ــ أمنيّ ــ إداريّ يتشارك ثلاثة أفرقاء في إدارته تحت المظلة السورية هم: الرئيس نبيه بري، النائب وليد جنبلاط، والرئيس رفيق الحريري ممثلاً بنفسه والرئيس فؤاد السنيورة.

أحاط هؤلاء أنفسهم بشبكة واسعة من رجال الأعمال والضباط والقضاة والإعلاميين والأحزاب اليمينية واليسارية والقومية والعروبية ورجال الدين والسياسيين التقليديين. وفي كل مفصل، كان الرئيس بري أبرز من يحمي هذا النظام. فحين اهتز عام 2005 بادر بري إلى القيام بكل ما يلزم لضمان استمراريته، سواء عبر الدفع باتجاه استقالة الرئيس عمر كرامي وتعطيل محاولته تشكيل حكومة أخرى أو عبر هندسة الاتفاق الرباعي. وما كادت الأوضاع الإقليمية تستقر قليلاً حتى نسج رئيس المجلس بساطاً أطلق عليه اسم «سين سين» يجلس النظام عليه ويمد قدميه. وطوال عشر سنوات لم يكن العونيون ينفذون من طوق السنيورة لاختراق النظام في ملف ما، حتىى يسارع بري إلى عرقلتهم بأدوات مختلفة. وما كاد مئات الناشطين المدنيين السياسيين يقتربون من النظام في تظاهراتهم حتى انقضّ أنصار بري عليهم بالحجارة والعصي للذود عن النظام. والنظام باختصار ليس إلا شركة خاصة لم تكفّ عن شفط الرمال والواجهات البحرية والجبال ووسط المدن وكل ما في الحسابات المصرفية وجيوب المواطنين، علماً بأن هذه الشركة الحاكمة تحتكر إدارة كل القطاعات المربحة في البلد، من الباطون إلى غاز المطابخ مروراً بالمطاعم. وفي وقت كانت فيه أكثرية المواطنين تزداد فقراً كان النظام ولا يزال يزداد ثراءً، علماً بأن الصناديق المختلفة وتركيبة مجلس الإنماء والإعمار تعكس بوضوح تركيبة النظام، وتبين موازناتها السنوية حجم المبالغ الخيالية التي تتوزع على بضعة جيوب تعرف كيف تشتري بمبالغ يسيرة ولاء كثيرين. ولا بدّ من القول إن النظام الذي ينجح الرئيس بري في حمايته دائماً هو هيكل إداري ــ عسكري ــ قضائي ــ أمني ــ إعلامي ــ اقتصادي ــ تشريعي ــ تنفيذي ــ إنمائي لا يمكن تحريك واحد من حجارته من دون موافقة مفاتيحه الثلاثة، سواء كانوا داخل الحكومة أو خارجها، كما تبين إبان العهد الميقاتيّ.

"ثمة مرشح واحد يوحي بقدرته على هزّ مسمار النظام"

انتخاب النائب سليمان فرنجية رئيساً يحرك الركود السياسيّ قليلاً، لكنه لا يهدد النظام. فهو من «عظام رقبته». أما انتخاب العماد عون رئيساً فيمثل تهديداً غير مسبوق له. وما يقوله النائب إبراهيم كنعان مثلاً واضح في اعتباره انتخاب عون ليس إلا الخطوة الأولى ــ لا الأخيرة ــ في مسيرة إعادة التوازن إلى السلطة. وهو يرى أن إعادة التوازن هي أقل المطلوب، فيما «الطموح هو تحقيق ما ينتظره الرأي العام منا من تغيير وإصلاح». فالصفقة الرئاسية يمكن أن تشمل اتفاقاً نفطياً وقانون انتخابات نيابية وتوزيع الحقائب الرئيسية وعدة تفاصيل أخرى، لكن لا أحد يمكن أن يقنع نفسه بأن عون سيرتضي بعد انتخابه رئيساً أن تبقى حصته في الإدارة كما هي اليوم: محافظ بعلبك ــ الهرمل ومدير عام مؤسسة الإسكان. من فبركوا الملفات للمديرين العامين الذين سمّاهم الرئيس إميل لحود لإزاحتهم بذرائع مختلفة، لا يحتملون إقلاق راحتهم مجدداً، علماً بأن العونيين حاولوا خلال السنوات العشر الماضية خلخلة الشبكة المتماسكة لكنهم عجزوا عن كسر حلقة واحدة، فالحصول على حقيبة وزارية كان ممكناً، أما إقالة مدير عام واحد أو محاسبة مدير مصلحة أو إعادة بضعة موظفين لا حاجة لهم إلى منازلهم فكان أمراً ممنوعاً، كونه يعتبر مسّاً بالنظام وشبكته. أما في حال انتخاب العماد عون رئيساً فسيختلف كل شيء. والأمر هنا لا يتعلق بالمناصفة والمثالثة وغيرهما من الشعارات الكبيرة، بل بمن يعيّن، وكيف، المحافظين والقائمقامين والمديرين العامين ومجالس التفتيش والقضاة والضباط وحاكم مصرف لبنان...
خوف بري والسنيورة وجنبلاط لا يتعلق بقانون الانتخاب في ظل معرفتهم أن نتائج الانتخابات تتحدد في لبنان بموافقة الجميع قبل إجراء الانتخابات، أو برئاسة المجلس النيابي التي يعلم بري أنها تحصيله الحاصل، أو الحصص الوزارية التي يعلم بري وجنبلاط أنها ثابتة لا تتزعزع. خوفهما يتعلق بتماسك النظام وشبكة الأمان المحيطة به. وخلف المتراس الأخير، يحتشد وراء الرئيس نبيه بري عدد لا يستهان به ممن يخشون على مصالحهم وأرزاقهم. من النواب الحاليين والسابقين الذين يتخيلون ما سيكون عليه الأمر في حال إجراء الانتخابات النيابية بعد أشهر قليلة من انتخابه رئيساً، فيما الزخم الرئاسي – الشعبيّ في أوجه، إلى الضباط والقضاة والمديرين العامين وحتى رؤساء المجالس البلدية الذين تعاملوا مع عون دائماً باعتبارهم في الموقع الأقوى لمجرد مشاركتهم في ديوانية المختارة أو كزدورة عين التينة. ولا شك بالتالي في أن هناك من سيستشرسون أكثر فأكثر في الأيام القليلة المقبلة، وسيستخدمون كل أسلحتهم للدفاع عمّا كسبوه بعيد إزاحة عون عسكرياً في 13 تشرين الأول 1990.
ما سبق لا يفترض أن يعطي براءة ذمة من أي نوع كان لرئيس تيار المستقبل سعد الحريري. فالقول إن السنيورة ورث شراكة رفيق الحريري وجنبلاط وبري في إدارة النظام ــ الشركة لا يعني أبداً أن الحريري ملاك. فالحريري فهم منذ أكثر من عامين التركيبة الحقيقية، وبدأ مزاحمة السنيورة بهدوء للإمساك ببعض المفاصل الأساسية، لكن نفوذه في الإدارة لا يزال سخيفاً مقارنة بالسنيورة الذي فصّل بنفسه الإدارة اللبنانية بعد الطائف، ويعلم مَن عيّن وكيف ولماذا، وهو إداري ذكيّ وناجح، فيما تجارب الحريري في الإدارة غاية في السوء. وعليه، في حال كان الحريري صادقاً في نيته تبنّي ترشيح عون ولا يناور كما يرجّح كثيرون أو يستفز السعوديين لإعطائه بعض مطالبه، يمكن زعزعة النظام الحالي عبر انتخاب عون رئيساً أن تعطي الحريري فرصة لتعزيز نفوذه قليلاً، من دون أن يعني ذلك أن أزلام الحريري في الإدارة سيكونون أفضل أو أنظف من أزلام السنيورة.
أخيراً، يبالغ العونيون في احتفاليتهم غير ملتفتين إلى خطورة انتخاب العماد عون وفق صفقة سياسية تحول دون تحقيق ما وعد بتحقيقه، ولن يعود هناك بعد انتخابه رئيساً أيّ ذرائع يمكن تقديمها لعدم تحقيقها. لكن الكثير من المعارضين يبالغون كثيراً على نحو سيّئ بمعارضتهم. فوضع الاعتبارات الشخصية في المقدمة، وتفكير كل فرد بمكاسبه الشخصية وخسائره، يحولان دون تقدير كثيرين لأهمية الفرصة المتمثلة في انتخاب عون رئيساً. والأمر هنا لا يتعلق بانتعاش إيمان جمهور لبناني كبير بالبلد فقط، ولا باستثنائية انتخاب رئيس بموجب اتفاق لبناني ــ لبنانيّ من دون فرض من الخارج، بل بقدرة عون وحده على ــ محاولة ــ زعزعة النظام السابق ذكره. فثمة مرشح رئاسيّ قادر على الركض في حقل ألغام، وهناك مرشح شاب ووسيم، وهناك مرشح يرضي هذا وذاك. لكنّ ثمة مرشحاً واحداً ما زال يوحي لكثيرين بقدرته وحده على هزّ مسمار النظام. ولا شك في أن أحد الدوافع الرئيسية للتمسك بترشيح عون والإصرار عليه هو رؤية من يرفضون انتخابه رئيساً. حين يعارض بري وجنبلاط والسنيورة انتخاب عون رئيساً، فهذا يعني شيئاً وحيداً: يجب انتخاب عون رئيساً.

سياسة

العدد ٢٩٩٧ الجمعة ٣٠ أيلول ٢٠١٦

 

«عرب واشنطن» لبّوا نداءات ترامب: نحو «مصالحة تاريخية مع إسرائيل»!

إرسال إلى صديق طباعة

لم تمت الجامعة العربية بعد. أمرٌ ما كان إلا ليدفع باتجاه الأمل لو كانت الأهداف عربية وموحدة. هناك من أراد تحويل الجامعة إلى أداة بيد «واشنطن ــ ترامب»، وهي في أمسّ الحاجة إليها ضمن ترتيباتها الشرق الأوسطية: تسوية جديدة مع إسرائيل، إلى جانب «مواجهة إيران وتقليص نفوذها». أخفق هؤلاء في بعض الأمور، ونجحوا في أخرى، وظلوا متنبهين إلى أهمية عدم المغامرة في مسائل لم يحسمها «الراعي الأميركي» بعد. نقاط مهمة تضمنها «إعلان عمان». لكن وحده الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط، عرف كيف يؤطر خطاب «عرب ــ واشنطن» بلغة دبلومسية رفيعة. قال أمس: «تتردد أحاديث عدة عن السعي لترتيب منطقتنا ومن دون موافقتنا، وبما يخلق أوضاعاً جديدة في الشرق الأوسط... (لكن) الوضع العربي الحالي... ليس مؤهلاً بعد للدخول في أي ترتيبات طويلة الأمد للأمن الإقليمي في ضوء اختلال موازين القوى»

أعادت القمة التي استضافها الأردن في خلال الأيام الماضية الزخم إلى الجامعة العربية، ليس لناحية كونها منظومة تفعّل العمل العربي المشترك، بل لناحية أنها تتحوّل في خلال الظرف السياسي الراهن إلى أداة تُسهم في جمع الموقف حول ما يسعى إليه «الرعاة» الإقليميون، وقبلهم الدوليون.

وبالرغم من تأثير غياب دولة مثل سوريا، إلى جانب عزلة الجزائر وما بدا أنه اختطاف سعودي للموقف العراقي، على موازين القوى داخل المنظمة في خلال القمة الحالية، فإنّ تماهي «إعلان عمان» الذي صدر عقب اختتام القمة لأعمالها، مع توجهات إدارة دونالد ترامب، في الشرق الأوسط، بدا واضحاً.
وفي هذا السياق، شدد «الإعلان» على أنّ «السلام الشامل والدائم خيار عربي استراتيجي تجسده مبادرة السلام (بيروت 2002)... التي لا تزال تشكل الخطة الأكثر شمولية وقدرة على تحقيق مصالحة تاريخية» مع العدو الإسرائيلي. مصطلح «المصالحة التاريخية» مع إسرائيل، الذي يبدو جديداً على الخطاب العربي الرسمي والذي قد يؤسس لمرحلة جديدة في الصراع مع إسرائيل، لم يكن المؤشر الوحيد على تماهي زعماء القرار العربي الرسمي مع توجهات واشنطن الجديدة. ففي مسألة العلاقة مع إيران، كانت الانتقادات مباشرة، لكنها بدت في الوقت نفسه أسيرة المراوحة بانتظار معرفة ملامح التصوّر الأميركي بالخصوص.


وفيما رفض «الإعلان»، «كل التدخلات في الشؤون الداخلية للدول العربية، (وأدان) المحاولات الرامية إلى زعزعة الأمن وبث النعرات الطائفية والمذهبية أو تأجيج الصراعات»، فإنّ أمير الكويت صباح الأحمد الصباح، وحده من بين الزعماء العرب الذي ذكر إيران مباشرة في كلمته، مشيراً إلى «أسس احترام السيادة وحسن الجوار»، وداعياً إلى «استمرار المشاورات والحوار البناء بين دول المنطقة»، وذلك في ظل حديث عن مواصلة الكويت لمبادرتها بين طهران والرياض. كلمة أمير الكويت كانت لافتة أيضاً حين قال في بدايتها: «لقد أطاح وهم ما يسمى الربيع العربي أمن واستقرار أشقاء لنا».
أما في الشأن السوري، ففيما أكد «إعلان عمان» ضرورة «إيجاد حل سلمي، (إذ) لا حل عسكرياً للأزمة»، جاءت كلمة أمير قطر تميم بن حمد، متمايزة عن غيرها، وحتى عن كلمة ملك السعودية سلمان، التي كانت بدورها مقتضبة جداً. وفصّل تميم بن حمد في كلمته «مقررات مؤتمر جنيف 1»، مذكراً ببند «تشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات»، مردداً كذلك أنّ «نظام الحكم شنّ (على الشعب السوري) حرباً شعواء شاملة، في سابقة تاريخية».
التمايز الواضح في كلمة قطر مقارنة ببقية الكلمات، أكد أنّ الدوحة لم تتراجع عن طموحاتها بلعب دور سياسي متقدم ومتزعم في العالم العربي.
وقد تميزت حتى لغة ولهجة تميم بن حمد بسقف ونبرة عاليتين في مختلف المسائل المطروحة، وذلك حتى حين قال: «لا يجوز السكوت على أن يصبح التحريض على حضارتنا العربية والإسلامية وبث سموم الكراهية ضد المسلمين، مسألة تنافس بين الأحزاب والقوى الشعبوية في الغرب، قد يطلب منا بعض الساسة أن نتفهم ظروف الحملات الانتخابية، وأنهم لا يقصدون ما يقولون، ولكن هذا عذر أقبح من ذنب، لأنه يجعل من كراهية المسلمين موضوعاً شعبياً».
ومن باب التلميح إلى رفض «المصالحة» مع مصر، تساءل تميم بن حمد: «إذا كنا جادين في تركيز الجهود على المنظمات الإرهابية المسلحة، فهل من الإنصاف أن نبذل جهداً لاعتبار تيارات سياسية نختلف معها إرهابية، على الرغم من أنها ليست كذلك»، في إشارة إلى «جماعة الإخوان المسلمين»، والتي يرعاها راهناً الثنائي التركي ــ القطري، علماً بأنّ هذا التساؤل يطاول أيضاً كلاً من السعودية ودولة الإمارات.

غابت سوريا عن كلمة حيدر العبادي (الحكومة العراقية)

 

وفي الأيام الماضية أكد دبلوماسيون أنّ الأردن والبحرين تقودان مساع لطي صفحة الخلاف بين القاهرة والدوحة، لكن مصادر مصرية قالت لـ»الأخبار» مساء أمس، إنّ الرئيس عبد الفتاح السيسي «اشترط اعتذاراً علنياً من الأمير تميم على مواقف الدوحة تجاه مصر، خاصة أن القاهرة تجاوزت كثيراً أخطاء الدوحة بحقها في الفترات الماضية». وأضاف المصدر أنّ السيسي «تعامل بحزم في هذا الملف خلال الحديث عن الوساطة الأردنية البحرينية لإتمام الصلح مع الدوحة، خاصة أنه وافق من قبل على هذه الخطوة تقديراً لمكانة الملك السعودي الراحل عبد الله، لكنه فوجئ باستمرار السياسات القطرية التي تستهدف إسقاط الدولة المصرية بعد رحيله، والتي لا تزال مستمرة». وشدد المصدر المقرب من الرئاسة المصرية على أنّ «حديث السيسي مع القادة العرب الذين بادروا إلى الوساطة، يعبّر عن السياسة التي توافقت عليها الأجهزة السيادية في مصر»، مشيراً إلى أن «هناك جملة من المطالب على الدوحة تنفيذها بعد الاعتذار، في مقدمتها تسليم القيادات الإخوانية الهاربة، والتوقف عن التدخل في الشأن المصري بشكل كامل».
إخفاق «المصالحة» المصرية ــ القطرية التي كانت إدارة ترامب تدفع إليها خلال الأسابيع الماضية، قابلتها عودة الدفء إلى علاقات القاهرة بالرياض بعد فترة من التوتر، أيضاً برعاية أميركية. وفي هذا الصدد، فإنّ أحد أبرز اللقاءات التي شهدتها الدورة الـ28 للجامعة العربية، كان القمة المصرية ــ السعودية، التي تمت بترتيبات واصل ملك الأردن عبد الله الثاني، متابعتها حتى قبل ساعات قليلة من انعقادها. ووفق مصدر مصري تحدث إلى «الأخبار»، فإنّ الأيام المقبلة ستشهد زيارات للمسؤولين السعوديين للقاهرة، بالتزامن مع زيارات مماثلة من المسؤولين المصريين للرياض، «على أن يجري ترتيب زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي للرياض في خلال ستة أشهر، وربما أقل، تتبعها زيارة لسلمان لمصر». وبدا واضحاً أمس، اهتمام الملك سلمان بكلمة السيسي، خاصة حين دعا إلى اتخاذ «موقف حاسم» من التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للدول العربية، علماً بأن كلمة السيسي ركزت في جانب كبير منها على أهمية الحفاظ على «الدولة الوطنية» في العالم العربي، وعلى «الأمن الإقليمي». وبرغم قوله إنّ «مواجهة الإرهاب تبدأ بالحسم العسكري»، فإنه اعتبر أنّ «التصدي للفكر المتطرف على المستويات الدينية والأيديولوجية والثقافية، يتمثل في تطوير التعليم وتعزيز دور مؤسساتنا الدينية العريقة، وعلى رأسها الأزهر الشريف».
ولعلّ التأثيرات المهمة لتوجهات إدارة ترامب على المشهد السياسي العربي، انعكست أيضاً في التقارب المستمر والمتصاعد بين الرياض وبغداد، خاصة أنّ يوم أمس شهد اللقاء الأول بين رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، والملك السعودي، وهو يأتي بعد أسابيع على دفع واشنطن بالرياض نحو التقرب من بغداد، في مسعى إلى «مواجهة النفوذ الإيراني في العراق»، كما يقول مستشارو ترامب. وفي مواقف بدت لافتة، دعا العبادي الذي زار واشنطن قبل أيام، إلى «موقف عربي موحَّد تجاه أي تجاوز على السيادة الوطنية للعراق أو أي دولة عربية». وفيما غابت سوريا عن كلمته، قال إنّ «العراق مقبل على مرحلة جديدة بعد القضاء على داعش، وطرده خارج حدودنا»، أي نحو الشرق السوري.


«إيران تريد الهيمنة»

فيما كانت القمة منعقدة، قال قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط الجنرال جو فوتل، إنّ «(الحوثيين)، وعلى غرار مضيق هرمز، نشروا بدعم من إيران صواريخ للدفاع عن الساحل، ومنظومة رادارات، فضلاً عن ألغام وقوارب متفجرات جُلبَت من مضيق هرمز». وتابع أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب الأميركي أن هذه القدرات «تهدد التجارة، والسفن، وعملياتنا العسكرية في المنطقة».
وقال فوتل: «إنني قلق للغاية بشأن ظهور نقطة اختناق بحري جديدة في المنطقة»، في إشارة إلى التوتر القائم مع إيران في مضيق هرمز، بين الخليج والمحيط الهندي، مشيراً إلى أكثر من «300» حادث سنوياً بين القوات الإيرانية وسفن عسكرية أميركية تعبر مضيق هرمز، «10 إلى 15 في المئة» منها «غير مهني» أو «خطير». وختم قائلاً إنَّ «إيران تهدف إلى أن تصبح القوة المهيمنة» في الشرق الأوسط.
(أ ف ب)

دوليات
العدد ٣١٤٠ الخميس ٣٠ آذار ٢٠١٧
جريدة الاخبار

واشنطن وموسكو: سياسة حافة الهاوية

إرسال إلى صديق طباعة

كثفت الولايات المتحدة من وتيرة تهديداتها للروس والسوريين، مع اشتداد المعركة حول مدينة حلب، في ما يعكس تدهورا إضافيا في العلاقات بين موسكو وواشنطن التي دخلت مرحلة المزايدات السياسية في الاسابيع الاخيرة قبل الانتخابات الاميركية في تشرين الثاني المقبل.
وفي حين ان بعض التسريبات تتحدث عن خيارات مواجهة مباشرة يمكن ان تخوضها واشنطن في سوريا، الا ان التحفظات كانت واضحة من الرئيس الاميركي باراك اوباما بشأن خيار المواجهة المباشرة، فيما تجدد الحديث عن احتمال تصعيد دول اقليمية جهودها لتسليح الفصائل الارهابية لمواجهة الجيشَين السوري والروسي، في تأكيد على استمرار سياسة حافة الهاوية بين الاطراف.
وعلى الرغم من التلويح الأميركي الأخير بالتخلي عن اللهجة «الديبلوماسية» أمام روسيا بشأن الحرب في سوريا، تعهد الكرملين، أمس، بمواصلة دعمه العسكري للجيش السوري في الحملة التي يشنها ضد الارهاب، مقترحاً في الوقت ذاته هدنة إنسانية من 48 ساعة. ويأتي ذلك بينما حذرت الأمم المتحدة من «أخطر كارثة انسانية تشهدها سوريا» بفعل الحرب.

وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن روسيا ستواصل «عمليتها الجوية دعما للحملة ضد الارهاب التي تخوضها القوات المسلحة السورية»، معتبرا أن تصريحات المسؤولين الأميركيين عشية مرور عام على بدء التدخل العسكري الروسي في سوريا «غير بناءة».
وأكد أن «موسكو لا تزال مهتمة بالتعاون مع واشنطن من اجل تطبيق الاتفاقات الموقعة بين الطرفين بشأن سوريا».
واعتبر نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف أن تصريحات المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية جون كيربي حول الخطر الذي يحدق بروسيا من جانب «داعش» بعد فشل الهدنة في سوريا، تصب في مصلحة الإرهابيين وتدل على إصابة الإدارة الأميركية بانهيار عصبي.
وقال ريابكوف إن هذه التهديدات دليل على انحدار الإدارة الأميركية لممارسة سياسة وضيعة، وتمثل «دعوة موجهة للإرهابيين لمهاجمة روسيا»، مشدداً على أن موسكو تعتبر تصريحات كيربي دعماً للإرهاب.
وتابع الديبلوماسي الروسي أن موسكو ترفض اقتراح واشنطن حول إعلان هدنة لمدة سبعة أيام في حلب، باعتبار أن الإرهابيين قد يستغلون مثل هذه الفترة الزمنية لإعادة نشر عناصرهم، لكنها (موسكو) تقترح «هدنة إنسانية» مدتها 48 ساعة في حلب عوضا عن ذلك.
ووصف ريابكوف تصريحات واشنطن عن تعليق التعاون مع روسيا بشأن سوريا بأنها عبارة عن «سياسة تهديد وابتزاز تستهدف فرض حلول تروق لواشنطن ووكلائها علينا»، مشيراً إلى أنه «من المستحيل التوصل إلى تسوية واستعادة الاستقرار على مثل هذا الأساس».
وفي هذا الإطار، اعتبر المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف أن التصريحات الصادرة عن وزارة الخارجية الأميركية حول تعاظم خسائر روسيا إذا ما استمرت في عمليتها في سوريا، اعتراف صريح بإدارة واشنطن نشاط الإرهاب الدولي.
وفي رده على تصريح لكيربي كان قد حذر فيه روسيا من تعاظم خسائرها، «وتلقيها المزيد من جثث عسكرييها في الأكياس، بل حتى إسقاط طائراتها» في سوريا، قال كوناشينكوف: «لقد رُفِعت الأقنعة ايها السادة». واضاف: «نحن على علم كامل بعدد مَن تُسَمِّيهم واشنطن بالخبراء في سوريا عموما، وفي محافظة حلب حصرا، نحن على علم كذلك باستمرارهم في العمل الفاشل هناك على تفريخ إرهابيي جبهة النصرة مما يسمى بالمعارضة»، مضيفاً: «إذا ما تعلق الأمر بتهديد روسيا وحياة جنودنا في سوريا، فإن المسلحين لن يعثروا هناك حينها على الأكياس لوضع أشلائهم فيها، ولن يتسنى لهم الهروب من هناك».
بدوره، أكد كيربي، أن وزير الخارجية جون كيري «تحدث بالفعل إلى وزير الخارجية سيرغي لافروف بشأن الوضع في حلب وبشأن هشاشة الترتيب الذي توصلنا إليه في وقت سابق هذا الشهر في جنيف».
وكان كيري أعاد التأكيد، في وقت سابق، أن الولايات المتحدة على وشك تجميد محادثاتها مع روسيا بشأن النزاع في سوريا، بسبب عدم توقف القصف في حلب. وقال خلال مؤتمر لمراكز الابحاث في واشنطن: «نحن على وشك تعليق المحادثات لأنه بات من غير المنطقي وسط هذا القصف الذي يجري، ان نجلس ونحاول ان نأخذ الامور بجدية».
وتابع كيري، مهاجماً روسيا من دون ان يسميها: «مع كل ما يحصل حاليا، لا توجد اي اشارة الى مسعى جدي. وصلنا الى مرحلة بات يتوجب علينا في اطارها ان نبحث عن بدائل، ما لم يعلن اطراف النزاع بشكل واضح عن استعدادهم للنظر في مقاربة اكثر فعالية».
إلى ذلك، أكد نائب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن وكالات الأمن القومي الأميركية تبحث خيارات بشأن سوريا وبعضها خيارات جديدة، «في محاولة لإنهاء الحرب الأهلية وبداية التحول السياسي (الحكومة الجديدة) في سوريا».
وقال في إفادة أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي إن «الرئيس (الأميركي باراك أوباما) طلب من جميع الوكالات طرح خيارات بعضها مألوف وبعضها جديد نعكف على مراجعتها بنشاط شديد»، مشيراً إلى أن «أطرافاً خارجية ضالعة في الصراع في سوريا قد تبدأ في ضخ مزيد من الموارد في الصراع، ما قد يضر في نهاية المطاف بالرئيس السوري (بشار الاسد) إضافة إلى روسيا».
صحيفة «وول ستريت جورنال» ذكرت أن الإدارة الأميركية أعادت فتح النقاش الداخلي حول تزويد مقاتلي «المعارضة» بأسلحة. ونقلت عن مسؤولين أميركيين قولهم إن «النقاش المتجدد حول ما يشار إليه داخل الإدارة الأميركية باسم الخطة باء، يركز على إمكانية السماح لوكالة الاستخبارات المركزية وشركائها في المنطقة بتزويد وحدات من المجموعات المسلحة المدعومة من الـ «سي آي ايه»، بأنظمة عسكرية تمكنهم من قصف مواقع المدفعية السورية والروسية من مسافة بعيدة»، مضيفين أنه يجري البحث في «تسليحهم بأنظمة مضادة للطائرات أقل فاعلية من تلك المحمولة على الكتف». وتمتنع واشنطن - رسميا على الاقل - عن تزويد المسلحين بالأنظمة المحمولة على الكتف خوفاً من أن تقع في أيدي مسلحي «داعش».
وأضافت الصحيفة أن «الولايات المتحدة تبحث إعطاء الضوء الأخضر لحلفائها الإقليميين، بما في ذلك تركيا والسعودية، من أجل تزويد المسلحين بأنظمة تسليحية أقوى.
وأشارت إلى أن «بعض المسؤولين يرون أنه ربما فات الأوان بالفعل للتأثير على سير المعارك، وأنه على الإدارة الأميركية أن تأخذ بالاعتبار القيام بعمل عسكري مباشر ضد نظام الأسد من أجل وقف الحملة العسكرية»، فيما نقلت عن مسؤولين آخرين توقعهم قيام «معارضة شديدة داخل البيت الأبيض لأي خيارات تشمل عملاً عسكرياً أميركياً مباشراً ضد نظام الأسد خشية اندلاع صراع أوسع مع روسيا».
وكان اوباما جدد، أمس الأول، رفضه استخدام القوة العسكرية لإنهاء الحرب في سوريا، موضحاً أنه يجلس «في غرفة الازمات مع وزير الدفاع ورئيس هيئة اركان الجيوش وخبراء من الخارج من اجل الحصول على افكار بشأن إنهاء الحرب في سوريا». وقال لقناة «سي ان ان» في مقر بلدية واشنطن: «في سوريا، ليست هناك اي فرضية يمكننا بموجبها وقف حرب اهلية ينخرط فيها الطرفان بشدة، باستثناء نشر أعداد كبيرة من الجنود»، مضيفا: «علينا ان نكون حكماء».
من جهته، أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أن بلاده مصممة على القضاء على «ممر الإرهاب» الواقع على حدودها مع سوريا. ومن المقرر أن يستقبل اردوغان، اليوم، ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف، الذي وصل أنقرة أمس، لمناقشة عدد من القضايا الإقليمية.
إلى ذلك، اعتبر مدير العمليات الانسانية في الامم المتحدة ستيفن اوبراين أن الوضع في حلب هو «اخطر كارثة انسانية تشهدها سوريا حتى الآن».
ميدانياً، تابع الجيش السوري عملياته العسكرية في محيط مخيم حندرات للاجئين الفلسطينيين في ريف حلب الشمالي. وأكد مصدر عسكري لـ «سانا» ان القوات السورية وسعت نطاق سيطرتها في المنطقة وصولا إلى مشفى الكندي إلى الشرق من المخيم.

(«السفير»، «سانا»، روسيا اليوم»، أ ف ب، رويترز)

30-9-2016

رسالة مفتوحة الى رئيس الجمهورية

إرسال إلى صديق طباعة

وجه النائبان السابقان البير ومنصور ونجاح واكيم رسالة مفتوحة إلى رئيس الجمهورية هذا نصها:

 

فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية

العماد ميشال عون المحترم.

بعد التحية.

لا شك بأنكم تدركون جيداً الحالة التي آلت إليها الدولة في الفترة الأخيرة، والتي يمكن إيجازها بالآتي:

فراغ  وتعطيل في المؤسسات الدستورية.

إنهيار المؤسسات الإدارية التي نخرها الفساد والمحسوبية والعجز، وغياب الضوابط القانونية التي تحكم عمل هذه المؤسسات.

الواقع المزري للقضاء ولمؤسسات الرقابة والمحاسبة كافة الذي بات لا يختلف أبداً عن واقع المؤسسات الإدارية.

إن السبب الرئيسي لحالتنا الراهنة هو أن الذين تولوا السلطة في لبنان، وبالتحديد منذ العام 1992، عمدوا إلى انتهاك الدستور نصاً وروحاً، وانتهاك أحكام وثيقة الوفاق الوطني، إما بإغفال نصوصها، أو بتعمد تفسيرها بما يخالف جوهرها وحقيقة أهدافها.

فخامة الرئيس.

نأمل، كما سائر اللبنانيين، أن يكون ملء الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية بانتخابكم لهذا الموقع الخطوة الأولى على طريق إعادة بناء المؤسسات الدستورية كافة وبناء الدولة.

لقد أكدتم في خطاب القسم على التعهد بتنفيذ بنود وثيقة الوفاق الوطني واحترام الدستور.

لهذا نرى أنكم وضعتم اليد على أصل العلة، ما يدفعنا لعرض رؤيتنا إلى مسألة إعادة بناء الدولة ومؤسساتها على أسس سليمة.

قبل كل شيء الالتزام بالدستور، نصاً وروحاً، خصوصاً لجهة الاصلاح السياسي.

ثمة إجماع على أن المهمة الأولى للعهد الجديد وللحكومة العتيدة هي إقرار قانون للانتخاب، وإجراء الانتخابات النيابية في موعدها.

ولكي يكون القانون مطابقاً لنصوص الدستور وروح وثيقة الوفاق الوطني نشير إلى الآتي:

أولاً: نصت الفقرة (ح) من مقدمة الدستور على أن "إلغاء الطائفية السياسية هدف وطني أساسي يقتضي العمل على تحقيقه وفق خطة مرحلية".

ثانياً: أما نقطة البداية في "الخطة المرحلية" لتحقيق هذا "الهدف الوطني الأساسي" فقد جاءت في المادتين 22 و 24 من الدستور وفي البندين الخامس والسابع من وثيقة الوفاق الوطني، فقرة "الاصلاحات السياسية".

المادة 22: "مع انتخاب أول مجلس نواب على أساس وطني لاطائفي يستحدث مجلس للشيوخ تتمثل فيه جميع العائلات الروحية وتنحصر صلاحياته في القضايا المصيرية.

المادة 24: جاء فيها: "...وإلى أن يضع مجلس النواب قانون انتخاب خارج القيد الطائفي، توزع المقاعد النيابية وفقاً للقواعد الأتية:

أ-بالتساوي بين المسيحيين والمسلمين.

ب-نسبياً بين طوائف كل من الفئتين.

ج-نسبياً بين المناطق.

ثالثاً: يتضح من ما تقدم الآتي:

1-إن عبارة "إلى أن يضع مجلس النواب قانون انتخاب خارج القيد الطائفي" تؤكد الصفة المؤقتة والاستثنائية لتوزيع المقاعد مناصفة بين المسيحيين والمسلمين، ونسبياً بين الطوائف.

لا يجوز أن يصير المؤقت بديلاً من الدائم، وأن يصير الإجراء الاستثنائي بديلاً من القاعدة الأساسية.

2-بالعودة إلى محاضر المناقشات التي جرت في مؤتمر الطائف يتبين بوضوح لا لبس فيه أن أول مجلس نواب ينتخب بعد مؤتمر الطائف،والثاني على الأكثر،يراعي التوزيع السالف الذكر. أما المجالس التالية فتنتخب وفق قانون وطني خارج القيد الطائفي.

3-بمطلق الحالإذا كانت وثيقة الوفاق الوطني قد ظلت مرنة لجهة تحديد الفترة الانتقالية، فهل يعقل أن تمتد هذه الفترة لأكثر من ربع قرن، وأن يسمح لأمراء الطوائف بمدها مجدداً إلى أمد غير معلوم؟

4-إن إقرار قانون للانتخابات يقوم على المواطنة وخارج القيد الطائفي لا يتوقف على تنفيذ أية بنود إصلاحية أخرى. الحقيقة إن تنفيذ البنود الإصلاحية يتوقف أولاً وقبل أي شيء آخر على إقرار قانون وطني للانتخابات النيابية،ومن إقراره تنطلق سائر البنود الأخرى.

5-يعمد البعض، بتذاك مخجل ومحاولات بائسة لخداع الرأي العام، إلى إثارة الجدال حول مسائل هي في الحقيقة مسائل إجرائية تتعلق بكيفية تنفيذ القانون، كالنسبية وعدد الدوائر الانتخابية وأحجامها... إن هذه المسائل، رغم أهميتها، ليست في جوهر القانون وأساسه. أما الأساس الذي نص عليه الدستور ووثيقة الوفاق الوطني فهو المواطنة والتحرر من القيد الطائفي. لذلك فإن أي قانون لا يقوم على هذا الأساس هو مخالف للدستور ويتوجب رده وإبطاله.

فخامة الرئيس.

إن ما تعاني منه إدارات الدولة ومؤسساتها، من ضعف في الأداء وتخلف مزمن وفساد مستشر، إنما يعود إلى الطائفية، بالمحاصصة التي تكرسها، وعدم الكفاءة في اختيار الموظفين الذين يتولون الإدارة، والفساد الذي تحميه الطائفية، بل وتكافئ مرتكبيه، لأن أصل الفساد هو الفساد السياسي. لذلك فإن المدخل الصحيح إلى الاصلاح الشامل هو الاصلاح السياسي، والذي يشكل قانون الانتخاب المستند إلى أحكام الدستور وروح وثيقة الوفاق الوطني الخطوة الأولى على طريق الإصلاح.

إن الشرط الأساسي لإنقاذ الوطن والدولة والمجتمع هو الالتزام بتطبيق أحكام الدستور، الذي أقسمتم يمين احترامه، وعدم السماح "لأي رأس، مهما علا بخرقه".

وفقكم الله إلى ما فيه مصلحة وطننا وكرامة شعبنا.

البير منصور                         نجاح واكيم

بيروت في28/11/2016

JPAGE_CURRENT_OF_TOTAL